اسم الکتاب : شرح كلمات باباطاهر العريان؛ مسايل حكمية فى المعارف و المشاهدات الربانيه المؤلف : عين القضاة الجزء : 1 صفحة : 127
بين المتلاقيين، فهم للتمتع بلذّة الوحدة
وجلون، فارّون من اللّقاء المشعر بالإثنينية، و هذا أعزّ من الأوّل.
و قال: (أوّل المحبّة لهو، و أوسطها سهو، و آخرها زهو).
أقول: اللّهو و السهو بمعنى الغفلة، إلّا أنّ السهو غفلة مع وجود
العلم، و وقوعه نادر، و اللّهو مطلق الغفلة، و وقوعه كثير، و أكثر ما يستعمل في
الغفلة عن الحقّ بالباطل، قال اللّه تعالى: إِنَّمَا
الْحَياةُ الدُّنْيا لَعِبٌ وَ لَهْوٌ [محمّد: الآية 36]؛ أي غفلة
عن الحقّ بالباطل، و الزهو و الافتخار.
أي المحبّ في بداية حاله يمزج الهوى مع حبّه، غافل عن النهاية و ما
يؤول إليه من الفناء، و في وسطه يتنبّه له، لكنّه قد يغفل عنه ببقيّة الهوى فيه. و
أمّا في النهاية إذا تجرّد عن وجوده الفاني، و اكتسى ملابس الوجود الباقي
بالمحبوب، فهو يرفل في ثوب الافتخار، مرتديا بفضله رداء الكبرياء، و التكبّر
مذموم، إذا كان لغير الحقّ، كما قال سبحانه:
الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِ
[الأعراف: الآية 146]، و هذا النصّ يرشد بمفهومه إلى ما قلناه.
و قال: (المحبّة أوّلها اختبار، و أوسطها افتقار، و آخرها اختيار).
أقول: يعني كلّ من يدّعي محبّة الحقّ يختبره المحبوب، أوّلا بأنوع
البلاء، فإن كان كاذبا رجع ردّا على أطوائه، و إن يكن صادقا يخلص لمن أبرز حاله
لسبك الامتحان عن غشوش العلل، فيعرض عن غيره مقبلا بالكلّية عليه، و يفتقر
بالحقيقة إليه، و ظهور هذا الافتقار في وسط المحبّة، ثمّ إن كان من المصطفين بلّغه
اللّه تعالى نهاية المحبّة، و خلع عنه لباس وجوده، و اختاره لمنادمته و مكالمته، و ذلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشاءُ وَ اللَّهُ ذُو
الْفَضْلِ الْعَظِيمِ [الحديد: الآية 21].
و قال: (المحبّة في الحقيقة اضطرار).
أقول: يعني، لا يدخل المحبّ في المحبّة بالاختيار، بل يجذبه إليها
جاذبة جمال المحبوب بالاضطرار.
اسم الکتاب : شرح كلمات باباطاهر العريان؛ مسايل حكمية فى المعارف و المشاهدات الربانيه المؤلف : عين القضاة الجزء : 1 صفحة : 127