اسم الکتاب : شرح كلمات باباطاهر العريان؛ مسايل حكمية فى المعارف و المشاهدات الربانيه المؤلف : عين القضاة الجزء : 1 صفحة : 129
باللّسان، المحكوم عليه بالكذب، مع ذلك حكم
على الإظهار بالطلب بأنّه بعد و فرقة؛ لأنّ الطلب دليل فقدان المطلوب، و بالإشارة
بأنّها جسارة؛ لأنّ من أشار إلى وجدان المطلوب بإظهار وجد، فقد أجسر على جناب
الحقّ بهذه الدعوى.
و قال: (الدعوى من وجهين:
فالأول: دعاوي الرّسميّات بأحكام الحركات.
و الثاني: دعاوي الغيبيّات بأحكام الغلبات).
أقول: أراد بالرسميّات العبادات المرسومة، الموزّعة على الجوارح و
الأوقات، المحصّلة بإنشاء الحركات، و الدعوى بها هي الدعوى بالطلب؛ كما مرّ ذكره،
و بالغيبيّات الأحوال الغريزيّة الغائبة عن الحسّ، من المحبّة، و الشوق، و
أمثالهما، و بالغلبات غلبات الوجد الظاهر على العبد، و بأحكامها أماراتها من
الصعقة، و الزعقة، و أمثالهما.
فكما أنّ العبد يدّعي بأحكام الحركات البدنية أداء وظائف الرسميّات
من العبادات، كذلك يدّعي بأحكام الغلبات النفسانية وجدان الأحوال الغيبيّة، و هذه
الدعوى هي الدعوى بالإشارة، و هاتان الدعويان صادقتان كما مرّ، فما أتى بالدعوة
الكاذبة في هذا الفصل.
و قال: (الدعوى من وجهين؛ فالأوّل: مدّع بلا بيّنة و لا حقيقة، و هو
نفسه يعبد نفسه بإظهار نفسه، و هذه الدعوى وصف بعيد. و الثاني: مدّع يدّعي بلا
لسان ناطق، و له بيّنة، و حقائقه تنطق عن غليل سرّه، و وجود قلبه، و بغر فؤاده، و
هو مبترىء من وصفه، ناطق بغيره بلا لسان، و لا آلة، فدعواه وصف من اللّه تعالى و
تفضّله لديه).
أقول: أراد بالبيّنة الطاعة القالبية، و بالحقيقة الوجد القلبي، قسّم
الدعوى في هذا الفصل بحسب ما يتبيّن فيه الصدق و الكذب، كما قسّمها في الفصل
السابق بحسب ما يتعلّق بالقالب و القلب، فقال: (الدعوى من وجهين، الأوّل:
مدّع بلا بيّنة و لا حقيقة)؛ أي مدّع باللّسان وحده، بلا طاعة، و لا
وجد، و هو كاذب بلا شكّ.
اسم الکتاب : شرح كلمات باباطاهر العريان؛ مسايل حكمية فى المعارف و المشاهدات الربانيه المؤلف : عين القضاة الجزء : 1 صفحة : 129