[الباب الثامن عشر فى المزاح و الضحك]
باب المزاح و الضحك
اما المزاح فهو ازاحة عن الحقوق، و مخرج الى القطيعة و العقوق، يصم المازح، و يؤذي الممازح.
فوصمة المازح أنه يذهب عنه المهابة و البهاء، و يجرّىء عليه غوغاء السفهاء.
و أما أذيّة الممازح فلانه معقوق[1] بقول كذب، أو فعل ممضّ ان أمسك عنه أحزن قلبه، و ان قابل عليه خان أدبه.
فحق على العاقل أن يتّقيه، و ينزه نفسه عن وصمة مساويه.
فعن النبي 7: المزاح استدراج من الشيطان و اختداع من الهوى.
و قال عمر بن عبد العزيز: المزاح سباب، الا أن صاحبه يضحك.
و قيل: انما سمي مزاحا، لانه يزيح عن الحق.
و قال بعضهم: لو كان المزاح فحلا لم ينتج الا شرا.
و قال بعض الادباء: من كثر مزاحه زالت هيبته.
و قال بعض البلغاء: من قلّ عقله كثر هزله.
على أنه قل ما يخلو من المزح من كان سهل الاخلاق لطيف النفس.
فالعاقل يتوخي من مزحه احدى خصلتين لا ثالث لهما:
اما: استيناس المخاطبين، و التودد الى المخالطين.
[1] مملوء، يقال عقت الدلو: اذا طلعت من البئر مملوءة.