و هذا لا يكون مستملحا الا بالاقتصاد[1] ثم بما آنس من جميل القول و مستحسن الفعل.
قال بعضهم لابنه: اقتصد في مزاحك فان الافراط فيه يذهب البهاء و يجرّيء السفهاء و التقصير فيه يفض عنك المؤانسين، و بوحش منك المصاحبين.
و اما: أن يتّقي به ما حدث من همّ، و أضر من تعب أو غم.
فقد قيل: لا بد للمصدور أن ينفث.
قال أبو الفتح البستي:
أفد طبعك المكدور بالجد راحة
براح[2] و علله بشيء من المزح
و لكن اذا أعطيته ذاك فليكن
بمقدار ما تعطي الطعام من الملح
و قد كان النبي صلوات اللّه عليه يمزح على أحد هذين الوجهين.
و قال 7: اني لا مزح، و لا أقول الا حقا.
فمن مزاحه: أن عجوزا من الانصار قالت: ادع لي بالمغفرة.
فقال لها: أما علمت أن الجنة لا يدخلها العجائز؟!
فصرخت، فقال لها: اما قرأت قوله تعالى: «إِنَّا أَنْشَأْناهُنَّ إِنْشاءً فَجَعَلْناهُنَّ أَبْكاراً عُرُباً أَتْراباً»[3].
و منه: أنه دخل يوما على عائشة (رضه)، فوجدها نائمة، فربط قرنها بالسرير، ثم حركها، فقصدت القيام فلم تقدر، و هو 7 يضحك.
و لذلك كان الخلفاء الراشدون بعده، و كثير من أصحابه يمزحون.
[1]: اى الاقلال فى المزح.
[2] كذا الظاهر، و يحتمل ان يكون ما ورد فى النسخة: يصح.
[3] فى( سورة الواقعة: 56/ 35- 37).