[الباب الرابع عشر فى السخاء و الشح]
باب السخاء و الشح السخاء: بذل ما يحتاج اليه عند الحاجة الى مستحقه، بقدر الطاقة.
و ربما أنكر هذا الحد من يحب أن ينسب الى الكرم، و جعل تقدير العطية نوعا من البخل، و جعل الجود بذل الموجود، و هذا تكلف يفضي اليه الجهل بحدود الفضائل.
و لو كان الجود بذل الموجود، لم يبق للسرف موضع، و لا للتبذير موقع.
و قد ورد الكتاب العزيز بذمهما[1] و جائت السنة المطهرة بالنهي عنهما.
و حيث كان السخاء محدودا، فمن وقف على حده سمي كريما، و من قصر كان شحيحا، و من تجاوزه كان مبذرا.
اذا عرفت ذلك، فاعلم: أن السخاء من فعل شيم النفس و أدلها على علوها و شرفها، حيث لا ترى له قدرا، و على حزمها و حسن تدبيرها، حيث تبذل ما
[1] قال تعالى فى ذم الاسراف:« وَ لا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ» سورة الانعام:
6/ 141 و هناك آيات اخرى فى ذم الاسراف فى سورة الاعراف: 7/ 31 سورة و غافر:
40/ 28، 34، 43.
و قال تعالى فى ذم التبذير:
« ... وَ لا تُبَذِّرْ تَبْذِيراً إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كانُوا إِخْوانَ الشَّياطِينِ وَ كانَ الشَّيْطانُ لِرَبِّهِ كَفُوراً»
سورة الاسراء: 17/ 26، 27.