«الباء» إمّا
للاستعانة أو المصاحبة، و ربما رجّحت الأولى بكونها أوفق بقوله تعالى: وَ إِيَّاكَ
نَسْتَعِينُ و بأنّ جعل الاسم الكريم ذريعة يتوصّل بها إلى الفعل يشعر بزيادة
مدخليّته فيه، حتّى كأنّه لا يتأتّى و لا يوجد بدونه، و المصاحبة عريّة عن ذلك
الإشعار.
و التبرّك الذي
ربما يتراءى معهما مشترك؛ إذ ليس معنى لشيء منهما و لا لازما له و إنّما نشأ من
خصوص المادّة؛ فإنّ ذكر اسمه- سبحانه- مثمر للبركة على أيّ نحو جرى؛ و السورة
بجملتها مقولة على ألسنة العباد؛ إرشادا لهم إلى طريق التبرّك بأسمائه، و الحمد
على نعمائه، و الإخلاص في الإقبال عليه، و سؤال الهداية من لديه.
و أمّا متعلّق
الباء فلك إضماره خاصّا و عامّا، فعلا و اسما، مؤخّرا و مقدّما، و لعلّ أولى هذه
الثمانية، أوّلها، أعني: الخاصّ الفعليّ المؤخّر، فالتقدير: «بسم الله أقرأ»[1]
لا أبدأ؛ لأنّ الفعل- الذي تلا البسملة و بدأ القارئ بها فيه- قراءة.
و لوروده خاصّا
عند الذكر في قوله تعالى: اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ[2]، فكذلك عند
[1]. في هامش« م» و« ع»:« المراد« أقرأ» و ما في معناه
كأتلو- مثلا-، و قس عليه« أبدأ» و ما في معناه كأشرع».