اليقين ما التمستموا من أقلّ الخلق بضاعة، و أكثرهم إضاعة من تأليف تفسير
صغير الحجم، و جيز اللفظ، قليل المؤونة، جليل المعونة ... طاويا عن مدّ إطناب
الأطناب كشحا، ضاربا عن إنارة شهاب الإسهاب صفحا؛ فإنّ ذلك موكول إلى تفسيرنا
المسمّى «العروة الوثقى»- إلى قوله- و سمّيته «عين الحياة» راجيا أن يكون وسيلة
إلى النجاة، و ذريعة إلى علوّ الدرجات[1].
و لا يخفى على
المتأمّل في هذه العبارة أنّ إرجاع المؤلّف ; الملتمسين لتأليف تفسير
كبير و أنّه موكول إلى تفسيره المسمّى ب «العروة الوثقى» يدلّ على أنّه جعل العروة
كبير الحجم، مع أنّ الكتاب الموجود بأيدينا المطبوع مرارا، ليس أكبر حجما من عين
الحياة.
و الخامس: أنّ
المؤلّف- قدّس سرّه الشريف- بعد أن بيّن في المقدّمة كيفيّة غوصه في بحار علم
التفسير، و صرف عمره الشريف من أيّام الشباب إلى زمن طويل و سنين متمادية لتحصيل
مقدّمات هذا العلم، فقال:
فأحببت أن أجمع
نفائس تلك العرائس في تأليف في هذا الفنّ الشريف، يخبر بالسرّ المخزون في زوايا
كنوزه، و يظهر الدرّ المكنون من خفايا رموزه، يوصل طلّاب أسرار حقائقه إلى أقصاها،
و لا يغادر من جواهره صغيرة و لا كبيرة إلّا أحصاها[2].
و الحال أنّ
هذا التفسير الموجز غاية الإيجاز كيف يناسب إحصاء جواهره صغيرة و كبيرة، كما صرّح
به المؤلّف.
العروة
الوثقى من منظار المؤلّف ;
ينبغي لتعريف
هذا التفسير القيّم، و كذا جهود المؤلّف ; و تجشّمه لتصنيف هذا الكتاب،
أن نكتفي بنقل عبارة منه قدّس سرّه في مقدّمته على الكتاب؛ حيث قال:
... و لمّا
قضيت من مقدّمات علم التفسير و طري، و وجّهت إلى الكتب المؤلّفة فيه بريد نظري،
طفقت أواصل في مطالعتها بين عشيّاتي و أسحاري، و أصرف في كلّ سطر منها شطرا من
ليلي و نهاري ...
فأحببت أن أجمع
نفائس تلك العرائس في تأليف في هذا الفنّ الشريف، يخبر بالسرّ المخزون