الهيئة هيئة
أهل العلم و لكن العلم للّه، و الظاهر ظاهر أهل الصلاح و الباطن لاه، فلو رأيتني
أيّها الشيخ المصون، و أنا على حالة عليها أكمل ما يكون، لتيقّنت أنّ الجنون فنون،
و لأنشدتني:
كأن لم يكن
بين الحجون إلى الصفا
أنيس و لم
يسمر بمكّة سامر
و قد كنت من
قبل أرجو أن أصير باختلاطي بالعجم بعد العرب جامعا للفضيلتين، فحصلت على مقابح
العرقين، و غلفت عن أنّ القياس إنّما ينتج أخسّ المقدّمتين، فها أنا كالعير ذهب
يبتغي قرنين، فرجع و هو مصلوم الأذنين.
و لربّما
طلب الحريص زيادة
فغدت مؤدّية
إلى النقصان
فصل قد قنعت
من العبادة على أقلّ المجزئ من الصلاة و الصيام،
و هيهات أن
أوفيهما حقّهما على التمام.
شعرا
فقلت لرشدي
و التنسّك و التقى
تخلّوا و
ما بيني و بين الهوى خلّوا
و حصّلت من
الفقه على نواقض الوضوء الطهارة، و هيهات أن أوفّيهما حقّهما من العبارة.
و صرت لا أعرف
من النحو، بعد ذاك الرسوخ و الثبوت، إلّا «أكثر شربي السويق و هو ملتوت».
و لا أعرف من
التصريف مقالا، إلّا «قاتل يقاتل قتالا».
و لا من المنطق
بعد ذاك التعب و الجهود، إلّا «إذا كانت الشمس طالعة فالنهار موجود».