و قد يحسن أن أذكر هنا أبياتا، اخترتها من قصيدتي الواقية الوافية
القافيّة القافية، و هي:
دعني أسر
أطلب نيل العلى
فالمرّ لي
فيه حلو المذاق
و المرء في
أعدائه خامل
و بدره
بينهم في محاق
و الدّرّ
في معدنه ضائع
و إن يسر
عنه ففوق المآق
و الموت
عندي بخضوع الفتى
لمبغض نذل
رضيع النفاق
على أنّه قد
يتأسّى الرجل الكريم، بقصّة موسى الكليم، فإنّه لمّا جاوز طور الأنام، و حاول طور
الكلام، استسقى أمطار الرحمة، فاستقى أطمار الحرمة، و ذهب لقبس من نار فوجد نورا،
و مضى يطلب شهابا للأولاد، فرجع من الأنبياء الأمجاد.
فصل [دفع
شبهة عن ارتحال المؤلف من العراق و مفارقة عتبات الائمة]
قد يتخيّل ذو
فكر رد رديّ، و قلب صد صديّ، قد نيط بحبّ الدنيا لبابه، و امتلأ من شهواتها إهابه،
و قبض الحسد على جنانه، فبسط بالغيبة بذيء لسانه، أنّي ما خرجت من حكم الطغام،
إلّا طمعا في الطعام، و نزحت عن الأئمّة العظام، إلّا حبّا لتجريد العظام، و لم
يعلم بالحقيقة أنّ نظره على عكسه، حيث أنّ المرء مرآة نفسه، فما فيها يبدو من فيه،
و الجلد لا ينضح إلّا بما فيه.
شعرا
إذا ساء
فعل المرء ساءت ظنونه
و صدّق ما
يعتاده من توهّم
و عادى
محبّيه بأوهام نفسه
فأصبح في
بحر من الشّكّ مظلم
أتراه غفل عن
قول ذوي الفضل: ليس من شرعة العقل سرعة العذل؟ أم ذهل عن قول القوم: ربّ ملوم لا
ذنب له و لائم أحقّ باللوم؟