و من جملة
تراثه الغالي هذا التفسير القيّم المسمّى ب «العروة الوثقى» الذي ذكر قدّس سرّه في
مقدّمته مدحا للشاه عبّاس الصفوي.
و من الجدير-
بالذكر لأهميّة الموضوع، و لدفع غبار الشبهات و الشكوك عن ساحة قدس علمائنا
الأعلام قدّس سرّهم، و كونهم معرضين عن الدنيا و زخارفها و ما طلبوا الدنيا و ما
فيها، بل كان مطلبهم إحياء مذهب أهل البيت عليهم السّلام و الدفاع عنه بتمام
الأساليب و خدمة المؤمنين- أن نذكر كلمات من علمائنا قدّس سرّهم في شأن هذا العالم
النحرير، و الورع التقيّ الذي قلّ نظيره في زماننا، الجامع لشتات العلوم، و الواقف
لجميع حياته في خدمة الإسلام و المسلمين، و إحياء المذهب الشيعي في أرجاء العالم
الإسلامي الشيخ بهاء الدين العاملي، رضوان الله تعالى عليه.
فمنها: ما يقول
المنشي في كتابه «عالم آرا عباسي»:
تقلّد الشيخ
منصب شيخ الإسلام في أصفهان زمن الشاه عباس الكبير خلفا للشيخ علي المنشار، و
تبوّأ مكانته المعروفة في عهد الشاه المذكور، و لم يكن لأحد من كبار الرجال
الصفويّين مركز يداني مركزه؛ و لذلك كثر حسّاده و مناوئوه، و كثر الدسّ حوله حتّى
تمنّى أنّ والده لم يخرج به من جبل عامل إلى الشرق في كلمة قويّة عبّر بها عن
تبرمه من فساد الأخلاق في كثير من أبناء زمانه و معاصريه.
فقال طيّب الله
ثراه:
لو لم يأت
والدي- قدّس الله روحه- من بلاد العرب، و لو لم يختلط بالملوك لكنت من أتقى الناس
و أعبدهم و أزهدهم؛ لكنّه- طاب ثراه- أخرجني من تلك البلاد و أقام في هذه الديار،
فاختلطت بأهل الدنيا و اكتسبت أخلاقهم الرديئة و اتّصفت بصفاتهم، ثمّ لم يحصل لي
من الاختلاط بأهل الدنيا إلّا القيل و القال و النزاع و الجدال، و آل الأمر أن
تصدّى لمعارضتي كلّ جاهل، و جسر على مباراتي كلّ خامل.
[1]. منها عمارة المشهد العلوي في النجف، و اكتشاف بعض
قوانين الانعكاسات الصوتيّة، و طبقها في بعض مساجد أصفهان، و ينسب إليه قدّس سرّه
أنّه صنع ساعة دائمة الحركة دون أيّ حاجة إلى من يحرّكها، و أنّه أبدع في صنع شمعة
أوقدها في أتون حمّام بأصفهان تكفي لتدفئة حمّام بكامله مدّة استمرّت ثلاثة قرون و
تزيد و ظلت حتّى هدمها الأنكليز؛ لاكتشاف أسرار اختراعها. انظر« تاريخ جباع» لعلي
مروة، ص 135.