أو لأنّ هنا
مسألة فقهيّة هي أنّ من باع أمتعة مختلفة صفقة واحدة، فكان بعضها معيبا، فإنّ
المشتري لا يصحّ له أن يأخذ الصحيح و يردّ المعيب، بل إمّا أن يردّ الجميع أو يقبل
الجميع، فأراد العابد أن يحتال لقبول عبادته، و يتوصّل إلى نجاح حاجته [به][4]،
فأدرج عبادته الناقصة المعيبة في عبادات غيره من الأولياء و المقرّبين، و خلط
حاجته بحاجات من عداه من الأصفياء المخلصين، و عرض الجميع صفقة واحدة على حضرة ذي
الجود و الإفضال، فهو- عزّ شأنه- أجلّ من أن يردّ المعيب و يقبل الصحيح؛ كيف؟ و قد
نهى عباده عن تبعيض الصفقة، و لا يليق بكرمه ردّ الجميع، فلم يبق إلّا قبول الكلّ،
و فيه المطلوب.
فهذه وجوه خمسة[5]
في إيثار صيغة المتكلّم مع الغير على المتكلّم وحده. و بالله وحده الاعتصام.
[3]. البيت لرابعة العدوية و لم نعثر على مصدره. و هي
رابعة بنت إسماعيل العدوية، أمّ الخير، مولاة آل عتيك، صالحة مشهورة، من أهل
البصرة، و توّفيت بالقدس سنة 135 ه. لاحظ« الأعلام» للزركي، ج 3، ص 10.