و لأنّ العبادة
من مدلولات الاسم المقدّس؛ إذ معناه المعبود بالحقّ، فكانت أحقّ بالقرب منه.
و لأنّها
مطلوبة الله- سبحانه-[2]
من العباد، و المعونة مطلوبتهم منه، فناسب تقديم مطلوبه على مطلوبهم.
و لأنّ المعونة
التامّة إنّما هي ثمرة العبادة و نتيجتها، كما يظهر من الحديث القدسي: «ما يتقرّب
إليّ عبدي بشيء أحبّ ممّا افترضت عليه، و إنّه ليتقرّب إلىّ بالنوافل حتّى أحبّه.
فإذا أحببته، كنت سمعه الذي يسمع به، و بصره الذي يبصر به، و يده التي يبطش بها»
الحديث[3].
و لأنّها أشدّ
مناسبة لما ينبئ عن الجزاء، و الاستعانة أقوى اتّصالا بطلب الهداية؛ و لأنّ
التخصيص بالعبادة أوّل ما يحصل به الإسلام، و أمّا التخصيص بالاستعانة فإنّما يحصل
بعد الرسوخ التامّ في الدين و الترقّي في مراتب اليقين، فكانت أحقّ بالتأخير.
و لأنّ العبادة
وسيلة إلى حصول الحاجة التي هي المعونة، و تقديم الوسيلة على طلب الحاجة هو أدعى
إلى الإجابة. فهذه وجوه ثمانية[4]
لتقديم العبادة على الاستعانة.
[1]. أي: إنّه- سبحانه و تعالى- عقّب العبادة بالاستعانة
تعليما لعباده أنّه إذا أوهمكم عبادتكم تبجّحا و اعتدادا به فعقّبوه بالاستعانة؛
ففيه تعليم لدواء داء العجب.( من هامش« د»).