و العبادة:
أعلى مراتب الخضوع و التذلّل، و لذلك لا يليق بها إلّا من كان موليا لأعلى النعم و
أعظمها من الوجود و الحياة و توابعها.
و من قال:
إنّها لا تستعمل إلّا في الخضوع لله تعالى[4]؛ لعلّه أراد هذا، و إلّا
فظاهره مصادم لقوله تعالى: إِنَّكُمْ وَ ما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ
اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ[5].
و أمّا ما رواه
عمدة الإسلام، محمد بن يعقوب الكليني ; في الكافي، عن أبي جعفر، محمد بن عليّ
الباقر 7: «من أصغى إلى ناطق فقد عبده، فإن كان الناطق يؤدّي عن الله
فقد عبد الله، و إن كان يؤدّي عن الشيطان فقد عبد الشيطان»[6]، فلعلّه ورد على سبيل
المبالغة، أو أنّ العبادة فيه بمعنى الطاعة.
و ما في «مجمع
البيان» من إنكار القول بأنّها بمعنى الطاعة[7]، لعلّ المراد به إنكار
[1]. حكاه عن الخليل في« مجمع البيان» ج 1، ص 62؛ و
لاحظ« معاني القرآن» للزجّاج، ج 1، ص 48؛« أنوار التنزيل» للبيضاوي، ج 1، ص 13.
«
الشّوابّ: جمع شابّة، و هي الفتاة في أوّل شبابها»(« لسان العرب»، ج 1، ص 480،«
شبب»).
[2].« الدرّ المصون» ج 1، ص 55؛ و في« حاشية السيّد
الشريف على الكشّاف» ج 1، ص 60، نقلا عن بعض الكوفيّين و ابن كيسان.
[3].« معاني القرآن و إعرابه» للزجّاج، ج 1، ص 49؛«
إعراب القرآن» للنحّاس، ج 1، ص 173؛« الدرّ المصون» ج 1، ص 55؛ و في« حاشية السيّد
الشريف على الكشّاف» ج 1، ص 60، نقلا عن قوم من الكوفة.
[4].« الكشّاف» ج 1، ص 62؛« أنوار التنزيل» للبيضاوي، ج
1، ص 13.
[7].« مجمع البيان» ج 1، ص 63. و فيه:« و قول من قال:«
إنّ العبادة هي الطاعة للمعبود» يفسد بأنّ الطاعة-- موافقة الأمر، و قد يكون
موافقا لأمره و لا يكون عابدا له. ألا ترى أنّ الابن يوافق أمر الأب و لا يكون
عابدا له، و كذلك العبد يطيع مولاه و لا يكون عابدا له بطاعته إيّاه، و الكفّار
يعبدون الأصنام و لا يكونون مطيعين لهم؛ إذ لا يتصوّر من جهتهم الأمر».