و قيام الحجة على سبب
وجود المعين و الناصر، و لو لا ما اخذ اللّه على العلماء ان لا يقاروا أي لا يلبثوا
و لا يداهنوا على ظلم الظالمين و الكظة بالكسر البطنة و شيء يعترى من امتلاء
البطن و لا سغب مظلوم أي على جوعه و تعبه الذي اصابه من ظلم الظالم.
قوله 7 لالقيت حبلها على غاربها هو جواب الشرط أي لتركت الخلافة او الامة و
لالقيت زمامها على ظهرها قوله 7 و لسقيت آخرها بكأس اولها أي لخليتهم
يشربون من كأس الحيرة و الجهالة بعد عثمان كما شربوه اولا في زمن الثلاثة و قوله
7 و تلك شقشقة هدرت، الشقشقة بالكسر شيء كالسرية يخرجه البعير من فيه
اذا هاج، شبه هذه الخطبة بها لانها انما صدرت منه حين هاجت نفسه الشريفة من ظلم
الظالمين[1].
و اما الكتاب
الذي دفعه الرجل الى امير المؤمنين 7 فروى انه قد كان فيه عدة مسائل
منها انه سئله ما الحيوان الذي خرج من بطنه حيوان آخر و ليس بينهما نسب فأجابه
بأنه يونس بن متى خرج من بطن الحوت، و منها ما الشيء الذي قليله مباح و كثيره
حرام، فقال 7 نهر طالوت لقوله تعالى إِلَّا مَنِ
اغْتَرَفَ غُرْفَةً بِيَدِهِ، و منها ما العبادة التي ان فعلها احد استحق
العقوبة، و ان لم يفعلها ايضا استحق العقوبة فاجاب بانها صلاة السكارى، و منها ما
الطائر الذي لا فرخ له و لا اصل و لا فرع، فقال هو طائر عيسى 7 في قوله
تعالى وَ إِذْ تَخْلُقُ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ بِإِذْنِي
فَتَنْفُخُ فِيها. فلينظر الى هذا الخطبة و ما اشتملت عليه من الشكاية ممن تقدمه، و
العجب العجيب من جماعة المخالفين كيف احبوا عليا و عمر و كيف جمعوا بين حب علي و
عمر في قلب واحد مع ان حبهما مما لا يجتمعان ابدا كما سيأتي تحقيقه، و اعجب من هذا
دعواهم حب علي معاوية و اعتقادهم الخبر في كليهما مع ان كل واحد منهما قد كفّر
الاخر و استحل قتله، و لعمرك لو تمكن معاوية في حرب صفين من قتل علي 7
لقتله بيده كما ان ولده الخبيث لما تمكن من قتل ولده الحسين 7 قتله و
اسر حريمه و فعل فعلته الشنيعة، و لكن جوابهم انهما مجتهدان قد اخطأ واحد منهما، و
يقولون المخطي هو معاوية لكن المجتهد المخطي لا عقاب عليه في اجتهاده الخطأ.
فنقول لهم اولا
ان معاوية كان اعلم منكم بأحوال علي 7 و استحقاقه الخلافة لان الخلافة
عند كافة المسلمين طريق ثبوتها، اما النص كما يقوله الامامية او الاجماع كما
تقولونه انتم و بعد قتل عثمان لم يحصل الاتفاق و البيعة الا لعلي 7 فهو
بعد عثمان خليفة واجب الطاعة باجماع كل المسلمين و معاوية كان اعرف بهذا الامر من
كل احد، و قد رويتم انتم في اخباركم عن معاوية طرفا وافرا من علمه و اظهاره و
استحقاق علي 7 الخلافة دونه و كذا علم اكابر اصحابه
[1] و سميت هذه الخطبة الشريفة بالشقشقية لقوله 7
فيها انها شقشقت هدرت ثم قرت.