جابلقا، و لا اهل
جابلقا بموضع اهل جابرسا و لا يعلم بهم اهل اوساط الارض من الجن و النسناس فكانت
الشمس تطلع على اهل اوساط الارضين من الجن و النسناس فينتفعون بحرّها و يستضيئون
بنورها ثم تغرب في عين حمئة فلا يعلم بها اهل جابلقا اذا غربت و لا يعلم بها اهل
جابرسا اذا طلعت لانها تطلع من دون جابرسا و تغرب من دون جابلقا.
فقيل يا امير
المؤمنين فكيف يبصرون و يجيئون و يأكلون و يشربون و ليس تطلع الشمس فقال صلوات
اللّه عليه انهم يستضيئون بنور اللّه فهم في اشد ضوء من نور الشمس و لا يرون ان
اللّه تعالى خلق شمسا و لا قمرا و لا نجوما و لا كواكب لا يعرفون شيئا غيره فقيل
يا امير المؤمنين فاين ابليس عنهم قال لا يعرفون ابليس و لا سمعوا بذكره و لا
يعرفون الا اللّه وحده لا شريك له لم يكسب احد منهم قطّ خطيئة و لم يقترف اثما لا
يسقمون و لا يهرمون الى يوم القيامة يعبدون اللّه لا يفترون الليل و النهار عندهم
سواء، قال ان اللّه احبّ ان يخلق خلقا و ذلك بعد ما مضى للجن و النسناس سبعة الاف
سنة فلما كان من خلق اللّه ان يخلق آدم للذي اراد من التدبير و التقدير فيما هو
مكوّنه في السموات و الارضين كشط عن اطباق السموات ثم قال للملائكة انظروا الى اهل
الارض من خلقي من الجن و النسناس هل ترضون اعمالهم و طاعتهم لي فاطلعت و رأوا ما
يعملون من المعاصي و سفك الدماء و الفساد في الارض بغير الحق اعظموا ذلك و غضبوا
للّه و اسفوا على اهل الارض و لم يملكوا غضبهم.
و قالوا يا
ربنا انت العزيز الجبار الظاهر العظيم الشأن و هؤلاء كلهم خلقك الضعيف الذليل في
ارضك كلهم يتقلبون في قبضتك و يعيشون في رزقك و يتمتعون بعافيتك و هم يعصونك بمثل
هذه الذنوب العظام لا تغضب و لا تنتقم منهم لنفسك بما تسمع منهم و ترى و قد عظم
ذلك و اكبرناه فيك فلما سمع اللّه تعالى مقالة الملائكة قال اني جاعل في الارض
خليفة فيكون حجتي على خلقي في ارضي، فقالت الملائكة سبحانك ربنا أ تجعل فيها من
يفسد فيها و يسفك الدماء و نحن نسبح بحمدك و نقدس لك فقال اللّه تعالى يا ملائكتي
اني اعلم ما لا تعلمون اني اخلق خلقا بيدي أجعل خلفائي على خلقي في ارضي ينهونهم
عن معصيتي و ينذرونهم و يهدونهم الى طاعتي و يسلكون بهم طريق سبيلي اجعلهم حجة لي
عذرا أو نذرا و أنفي الشياطين من ارضي و اطهرها منهم فاسكنهم في الهوى و اقطار
الارض و في الفيافي فلا يراهم خلق و لا يرون شخصهم و لا يجالسونهم و لا يخالطونهم
و لا يؤاكلونهم و لا يشاربونهم و انفرد مردة الجن العصاة من نسل بريتي و خلقي و خيرتي
فلا يجاورون خلقي و اجعل بين خلقي و بين الجانّ حجابا فلا يروا خلقي شخص الجن و لا
يجالسونهم و لا يشاربونهم و لا ينهجون نهجهم.