و المساكين و قد عيروا
به الأنبياء حيث قالوا، و اتبعك الأرذلون
وَ ما نَراكَ اتَّبَعَكَ إِلَّا الَّذِينَ هُمْ أَراذِلُنا بادى الرأي و لا يستبعد هذا من الكفار، فان مثله قد وقع في
فرق الإسلام و من محققيهم حتى أن السيد المدقق السيد شريف في شرحه على المواقف لما
ذكر مطاعن الثلاثة، و ذكر فضائل امير ألمؤمنين 7 و مدائحه، قال لكنا
وجدنا السلف قالوا بأن الأفضل أبو بكر، ثم عمر، ثم عثمان، ثم علي و حسن ظننا بهم
يقضي بأنهم لو لم يعرفوا ذلك لما أطبقوا عليه فوجب علينا إتباعهم في ذلك القول، و
تفويض ما هو الحق فيه إلى اللّه و مثل هذا قد وقع من علماء الإسلام كثيرا، حتى في
أصل المذهب، و الحمد للّه الذي من علينا بإيمان الاباء و الأجداد، فإنه و عمرك من
أفضل النعم، و أوفر القسم .. الثالث- أن الإختلاف قد جاء ايضا من زيادة الجاه و
الأعتبار، و وفور المال في ما بين اهل تلك المذاهب الفاسدة، فاهم كثيرا ما يعظمون
علمائهم، و يحملون إليهم انواع الهدايا، و العوام تبع لأهل العلم في كل ملة و
قبيلة، و قد حكى تعالى عنهم بقوله عز من قائل اتَّخَذُوا أَحْبارَهُمْ وَ رُهْبانَهُمْ أَرْباباً مِنْ
دُونِ اللَّهِ، و في الرواية ما صلوا و لا
صاموا، و لكن حللّوا لهم حراما و حرموا لهم حلالا فقبلوه منهم فمن هذه الجهة قال
أربابا من دون اللّه، و مثل هذا في فرق الإسلام كثير.
الرابع- أن
العقول كلها سافرت طالبة لمعرفته، و قاصدة للوصول إلى قرب حضرته و في الدعاء يا
مطلوب كل طالب، و قد كانت مسافة السفر بعيدة جدا، لأنه و إن كان أقرب من حبل
الوريد، لكنه على فاستعلى فكان بالمنظر الأعلى، و في الدعاء يا بعيدا في دنوه، و
مع بعد هذه المسافة قد كانت مشتملة على اخطار و آفات و قد كان سالكها يحتاج إلى
جماعة من الرفقاء و إلى مطية تحمله و إلى نور شمس يستضيء بها في سيره و دليل حاذق
قد تكرر سلوكه لذلك الطريق، يعرف موارد مهالكه من أماكن النجاة. فالدليل الحاذق
لهذه المسافة، هم الأنبياء و أوصياؤهم المعصومون المحدثون من جانب الغيب و لذا جرت
العادة الإلهية بعدم ارسال رسول الا بعد استكمال كمالاته و بلوغه الأربعين، فإنها
أقصى غايات الكمال، و في هذه المدة قد كان الباري سبحانه يعلمه و يؤدبه و يعرفه
أماكن النجاة و سلوك الطريق إليه، فبعد إكمال المدة أرسله الى الخلائق هاديا لأنه
سبحانه قد هداه سابقا. و كرر تردده في طريق قربه و معرفته، و من ثم ذهب المحققون
إلى أن أشدّ صدمة على الأنبياء من امتهم هو معاشرتهم معهم، فأن النفوس القدسية إذا
تنزلت إلى مخالطة الحيوانات، و تعليمها المراتب الكمال كان عليها في نهاية
الإشكال، و من هذا ما أرسل نبي ذو كتاب، إلا بعد رعي الأنعام في البراري و القفار،
ليتعودوا على معاشرة الحيوانات، حتى يسهل الخطب عليه بعد الإرسال، روى أن موسى
7 كان يرعى أغنام شعيب 7 فانهزم من قطيعه تيس فصعد الجبل
فبقى موسى تابعا له، عامة يومه في رؤوس الجبال، فلما لزمه قبله