على وجهه، و مسح التراب
من فوقه، و قال معتذرا عنده: أيها الحيوان أتعبتك هذا اليوم من جهة الطلب و لا كان
المقصود منك القيمة، و لكن الخوف عليك من الذئاب، ثم حمله على عاتقه حتى وصله إلى
الحيوانات، فلما كمل له هذا الخلق اوحى اليه أن يا موسى قد صرت قابلا للرسالة فامض
إلى فرعون و قل له قولا لينا لعله يتذكر أو يخشى، و مثل هذا قد وقع من نبينا 6 في موارد كثيرة نذكرها في موضعها إنشاء اللّه. و الحاصل أن
الأدلة لهذا الطريق هم الأنبياء عليهم السّلام و أما النور الذي به يقطع تلك
المسافة فهو نور العلم فإن العقل إنما يسير بنور العلم، و من هنا ترى من فقد هذا
النور واقفا لا يهتدي إلى سلوك ما أمامه من الطريق، تابع لكل ناعق ينعق به، و يقول
هذا هو الطريق، و هذا شأن أكثر العوام من كل الملل، و الأديان و أما مطيّة هذا
المسافة فهي التحمل و الصبر حتى لا يسأم من كثرة السفر و أما أخطارها فهم الشياطين
فإن على رأس كل منزل جماعات كثيرة، منهم يرغبون ذلك المسافر في النزول معهم، لقرب
المسافة عندهم و لمكان الإستراحة لديهم، و لا يعرف ذلك الرجل أن غرضهم أخذ ما معه
من ثياب الإيمان، و الأموال التي هي قيمة دين الاسلام. و في الحديث عن الصادق 7 قال: قال رسول اللّه 6 الإسلام عريان فلباسه الحياء و
زينته الوقار و مروته العمل الصالح، و عماده الورع و لكل شيء أساس و أساس الإسلام
حبنا أهل البيت. و عند سلوك هذه المسافة حصل الإختلاف في الوصول إلى المقصود فبعض
بقي متابعا لدليل الطريق الحاذق فوصل إلى أن قال، لو كشف الغطاء لما ازددت يقينا و
بعض تابع دليلا لا معرفة له بتلك المسافة و لا رآها قبل تلك المرة فضل به عن
الطريق، فكلما أمعن في السير لم يزدد من المقصود إلا بعدا، و هؤلاء المحكى عنهم
بقوله عز من قائل و منهم أمة يهدون الى النار و بقوله تعالى إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنَ الَّذِينَ
اتَّبَعُوا وَ رَأَوُا الْعَذابَ و بعض
اقتفى الاثر و هم المؤمنون الامثل فالامثل على تفاوت درجات الاقتفاء و بعض ضل
فأخذته شاطين القفار، و ربما منّ اللّه عليه بالنجاة بعد هذا فلما رجعت جماعة
المسافرين، كانت على أنحاء شتى فمنهم الواصل حتى رأى بالعيان و منهم القريب إلى
الحمى و منهم المسلوب ثياب ايمانه، و كذا في درجات المعرفة، فإنّ بعضهم يقول رأيت
و بعضهم يقول سمعت و السماع يختلف اختلافا كثيرا، و من هذا قال بعض بالولد و آخرون
بالصاحبة و جماعة بالجسمية، الى غير ذلك مما عرفت، و إن اردت ضرب مثال حسي، فانظر
الى قاصدي مكة شرفها اللّه تعالى، فإن كل الحاج مقصدهم واحد، و يرجع جماعة حاجين و
آخرون غير حاجين، و ثالث قد حجوا حجا فاسدا و جماعة ما أدركوا الا الاضطراريين، أو
احد الاختياريين، و أناس عدلوا من نوع الحج الى نوع آخر، و ليس هذا الاختلاف الا
لنظير ما عرفت، و بعد المراجعة قيل سافرت فيك العقول فما ربحت الا اذى السفر.
الخامس- انه سبحانه قد احتجب عن الحواس، و في الحديث ان اللّه احتجب عن