responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الأنوار النعمانية المؤلف : الجزائري، السيد نعمة الله    الجزء : 1  صفحة : 12

خفيا من فرط الظهور. و قد نقل لي أن الفاضل الدواني لما أراد كتابة رسالة في إثبات الواجب قالت له أمه ما تكتب فقال لها رسالة في إثبات الواجب فقالت له، أ في اللّه شك خالق السموات و الأرض فترك تأليف ما أراد و من تأمل دليل الأعرابي حيث سئل عن الدليل على وجود الصانع فقال البعرة تدل على البعير و آثار الأقدام على المسير أ فسماء ذات أبراج و أرض ذات فجاج‌[1] لا تدل على وجود اللطيف الخبير يجده أدل على المطلوب‌[2] من البراهين التي ذكرها إبن سينا في كتابيه (الشفا و الإشارات) و الطوسي قدس اللّه روحه في (قواعده و تجريده) فإنك قد عرفت إبتنائها على ما لا يتم و العقول سيالة و لذا ترى كل لاحق يغلط سابقه و ينقض دلائله و قد استفاض في الاخبار ان كل مولود يولد على الفطرة إلا أن أبويه يهودانه و ينصرانه و هذا المعنى شايع لا ينكر. فإن قلت إذا كان معرفته تعالى على هذا النحو من الظهور فما بال العقلاء إختلفوا في إثباته، و كيفية صفاته، و بعضهم نفاه رأسا و قال ما يهلكنا إلا الدهر و بعضهم أثبت له شركاء كالمسيح، و عزير، و قالت طائفة الملائكة بنات اللّه، و بعضهم قالوا بجسميته، حتى أن طائفة من طوائف المسلمين كالحنابلة ذهبوا إلى أنه جسم كالأجسام و أنه في صورة شاب حسن الصورة ينزل كل ليلة جمعة راكبا على حمار فيدبر أمر الأرض إلى الجمعة الأخرى حتى أنهم ربما وضعوا لحماره شعيرا فوق سطوحهم، و بعضهم صنعوا له شريكا من التمر و هم بنو حنظلة، و كانوا يعبدونه، قال صاحب الكشاف ما انتفع كافر من ربه مثل انتفاع بني حنظلة، فانهم كانوا يصنعون صنما من التمر و الحلوا فيكثرون السجود له، فإذا جاعوا أكلوه، و كان ذلك العام عام قحط و مجاع و بعضهم أثبت إلهين و هما النور و الظلمة، و قال إن النور يفعل الخير و الظلمة يفعل الشر، إلى غير ذلك من المذاهب الفاسدة و الاراء الكاسدة. قلت الجواب عن هذا من وجوه ألاول: و أن ما وقع به الإختلاف ليس هو محل الظهور فإنك قد تحققت أن مكان الظهور، و هو كونه موجودا صانعا، و هذا لم يشك به عاقل و ما ورد من فرق الكفّار من الانكار له تعالى، فهو من مجرد اللسان، كما حكاه سبحانه بقوله‌ وَ جَحَدُوا بِها وَ اسْتَيْقَنَتْها أَنْفُسُهُمْ، و قول أهل عبادة الأصنام‌ ما نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونا إِلَى اللَّهِ زُلْفى‌. الثاني: أن الإختلاف قد جاء من تقليد الأسلاف كما حكاه عنهم من قولهم‌ إِنَّا وَجَدْنا آباءَنا عَلى‌ أُمَّةٍ وَ إِنَّا عَلى‌ آثارِهِمْ مُهْتَدُونَ‌ و اما أسلافهم فقد أخذتهم الحمية الجاهلية، عن متابعة الانبياء لأنهم بزعمهم انهم، أهل ملّة يقتدى بهم الناس فكيف يحسن منهم الترك لرتبة الإمامة و التنزل إلى درجة المأمومية، و لهذا ما كان يقتدى بالأنبياء سوى الفقراء


[1] الفجاج الطريق الواسع الواضح بين جبلين.

[2] هذا الدليل الاني ادل على المطلوب بالنسبة الى افهام اكثر الناس من العوام و الخواص و اما البراهين العقلية التي ذكروها في الكتب و الاسفار العقلية فهي ادل على المطلوب عند اهل النظر و التحقيق و الفكر العميق.

اسم الکتاب : الأنوار النعمانية المؤلف : الجزائري، السيد نعمة الله    الجزء : 1  صفحة : 12
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست