responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تاج العروس الحاوي لتهذيب النفوس؛ أصول الهداية؛ الورع؛ ‌الطّريق إلى اللّه المؤلف : ابن عطاء اللّه السّكندري؛ ابن باديس؛ أبو الحسه الأبياري؛ فريد أحمد المزيدي    الجزء : 1  صفحة : 68

كما أمر بغير ذلك فى الآيات اللاحقة.

و وضع هذه الآية أثناء ذلك- و هى متعلقة بالنفس و صلاحها- لينبه الخلق على أصل الصلاح الذى منه يكون، و منشئه الذى منه يبتدئ، فإذا صلحت النفس قامت بالتكاليف التى تضمنتها هذه الآيات الجامعة لأصول الهداية، و هذا هو وجه ارتباط هذه الآية بما قبلها و ما بعدها، الذى يكون قبل التدبر خفيا.

و نظير هذه الآية فى موقعها و دلالتها على ما بها يسهل القيام بأعباء التكاليف فى قوله تعالى: حافِظُوا عَلَى الصَّلَواتِ وَ الصَّلاةِ الْوُسْطى‌ وَ قُومُوا لِلَّهِ قانِتِينَ‌ (238) [البقرة: 238].

فقد جاءت أثناء آيات أحكام الزوجية آمرة بالمحافظة على الصلوات، تنبيها للعباد على أن المحافظة عليها و على وجهها، تسهل القيام بأعباء تكاليف تلك الآيات، لأنها تزكى النفس بما فيها من ذكر و خشوع و حضور و انقطاع إلى اللّه تعالى، و توجه إليه، و مناجاة له.

و هذا كله تعرج به النفس فى درجات الكمال.

اللذة فى الطاعة:

و النفوس الزكية الكاملة تجد فى طاعة خالقها لذة و أنسا تهون معهما أعباء التكليف.

ثم إن العباد بنقص الخلقة و غلبة الطبع معرضون للتقصير فى ظاهرهم و باطنهم فى صور أعمالهم و دخائل أنفسهم- و خصوصا فى باب الإخلاص- فذكروا بعلم ربهم بما فى نفوسهم فى قوله تعالى: رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِما فِي نُفُوسِكُمْ‌ ليبالغوا فى المراقبة فيتقنوا أعمالهم فى صورها و يخلصوا بها له، و هذه المراقبة هى الإحسان الذى هو عبادتك اللّه كأنك تراه‌[1].

و ذكر اسم (الرب) لأنه المناسب لإثبات صفة العلم، فهو الرب الذى خلق النفس و صورها و دبرها، و لا يكون ذلك إلا بعلمه بها فى جميع تفاصيلها.

و كيف يخفى عليه شي‌ء و هو خلقها؟ أَ لا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَ هُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ (14) [الملك: 14].

و الصالحون فى قوله تعالى: إِنْ تَكُونُوا صالِحِينَ؛ هم الذين صلحت أنفسهم فصلحت أقوالهم و أفعالهم و أحوالهم.


[1] -لما ورد فى حديث جبريل- 7-( 1/ 106)، و مسلم( 9) عن أبى هريرة مرفوعا.

اسم الکتاب : تاج العروس الحاوي لتهذيب النفوس؛ أصول الهداية؛ الورع؛ ‌الطّريق إلى اللّه المؤلف : ابن عطاء اللّه السّكندري؛ ابن باديس؛ أبو الحسه الأبياري؛ فريد أحمد المزيدي    الجزء : 1  صفحة : 68
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست