اسم الکتاب : ايقاظ الهمم فى شرح الحكم المؤلف : ابن عجيبة الجزء : 1 صفحة : 551
أتعجبون لهذا الطائر؟ و اللّه للّه أرحم
بعبده المؤمن من هذا الطائر بأفراخه[1]».
و روي عنه صلى اللّه عليه و آله و سلم أنه قال: «يخرج من النار رجلان
ثم يمثلان أي: يوقفان بين يدي اللّه فيؤمر برجوعهما إلى النار، فيسرع أحدهما فيلقي
نفسه فيها، و يتعاصى الآخر عن الرجوع، فيقال للذي رمى بنفسه: لم ألقيت نفسك في
النار؟ فيقول: لئلا أكون عاصيا في الدنيا ثم أكون عاصيا في الآخرة. و يقال للآخر:
لم لم تمتثل الأمر، كما فعل هذا فيقول: رجوت من كرم اللّه أن لا يعيدني إليها بعد
أن أخرجني، فيؤمر بهما إلى الجنة». و أنشدوا:
و
لو أن فرعون لما طغي
و
قال على اللّه قولا عظيما
أناب
إلى اللّه مستغفرا
لما
وجد اللّه إلا رحيما
و كيف لا يرجى حلمه و كرمه و شمول لطفه و رحمته، و قد سبق وجود
العباد لطفه و رأفته؟ كما أبان ذلك في المناجاة الخامسة حيث قال:
334- إلهي وصفت نفسك باللطف و الرأفة بي قبل وجود ضعفي، أفتمنعني
منهما بعد وجود ضعفي؟.
قلت: اللطف بالضم الرفق و المبرة، و صلاح العبد في عاقبته، و في
القاموس:
لطف لطفا بالضم رفق و دنا، و لطف اللّه بك: أوصل إليك مرادك بلطف،
انتهى. و الرأفة: شدة الرحمة و أرقها قاله في القاموس أيضا، و الضعف: ضد القوة.
يقول رضي اللّه تعالى عنه شاكيا إلى اللّه ضعفه و فقره، و مستمدا من مولاه لطفه و
رأفته. إلهي وصفت نفسك في كتابك العزيز الذي أنزلته إلينا باللطف و الرأفة، فقلت
فيه: اللَّهُ لَطِيفٌ بِعِبادِهِ
[الشورى: 19]، و قلت: وَ إِنَّ اللَّهَ بِكُمْ لَرَؤُفٌ
رَحِيمٌ [الحديد: 9)]. و اتصافك باللطف و الرأفة قديم، فإذا كنت بنا لطيفا
رحيما قبل وجود ضعفنا، فكيف لا تمنحنا من لطفك و رأفتك
[1] - رواه معمر في جامعه( 11/ 297)، و البيهقي في
الشعب( 2/ 421).
اسم الکتاب : ايقاظ الهمم فى شرح الحكم المؤلف : ابن عجيبة الجزء : 1 صفحة : 551