responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : ايقاظ الهمم فى شرح الحكم المؤلف : ابن عجيبة    الجزء : 1  صفحة : 550

الزاخر، و كمال إحسانك الباهر، فقابل إساءتنا بإحسانك و غط مساوئنا بوصف كرمك و امتنانك، فإنك أهل التقوى و أهل المغفرة يا أكرم الأكرمين. حكي عن بعض الناس أنه قال: إلهي كم أعصيك و أنت تسترني؟ فسمع قائلا يقول: لتعلم أني أنا و أنت أنت. و قيل: إن اللّه تعالى خلق ملكا ينادي: يا ابن آدم يا مسكين، كنت في العدم مفقودا فمن ذا الذي صيرك نسخة الوجود إلا الكريم ذو الجود؟

من ذا الذي أبرزك من عالم الغيب لعالم الشهود؟ من ذا الذي استنقذك من ظلمة الكفر إلى نور الإيمان؟ من ذا الذي تكفل بشؤونك إلا الكريم المنان؟ فكن مطيعا للّه تكن عبده حقا، و لا تطع نفسك و هواك فتكون لهما رقا، انتهى. و من كرمه تعالى: أن سبقت رحمته غضبه، و من كرمه أيضا إقباله على العاصي و المطيع، ففي الحديث الصحيح: «لما خلق اللّه الخلق قال للقلم: اكتب، قال: و ما أكتب؟ قال:

اكتب رحمتي سبقت غضبي، فكتبه و ألقى الكتاب فوق العرش‌[1]». زاد بعضهم:

«فإذا كان يوم القيامة رأى الناس ذلك الكتاب فيقرؤه كل من سبقت له السعادة، و يحجب عن أهل الشقاوة». و في الحديث أيضا قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلم: «إن اللّه تعالى خلق مائة رحمة أنزل منها واحدة إلى الأرض، و أمسك عنده تسعة و تسعين، فمن تلك الرحمة الواحدة التي أهبطت إلى الأرض تراحمت الخلائق بينهم، حتى إن الدابة لترفع حافرها عن ولدها خشية أن تصيبه، فإذا كان يوم القيامة ضم تلك الرحمة إلى التسع و التسعين، و نشرها بين عباده، فتسع الخلق كافة و يحرم منها من هو كافر». و هو معنى قوله تعالى: وَ رَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْ‌ءٍ [الأعراف: 156] الآية، انتهى بالمعنى. و يروى: «أن رجلا اصطاد أفراخا، فلما أخذهم جعلت أمهم تطير فوقهم، ثم سقطت عليهم فضمها مع أولادها، فأتى بها النبي صلى اللّه عليه و آله و سلم فأخبره خبرها، فقال 7:


[1] - رواه أبو الشيخ في العظمة( 2/ 622)، و محمد بن أبي شيبة في العرش-.

اسم الکتاب : ايقاظ الهمم فى شرح الحكم المؤلف : ابن عجيبة    الجزء : 1  صفحة : 550
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست