اسم الکتاب : ايقاظ الهمم فى شرح الحكم المؤلف : ابن عجيبة الجزء : 1 صفحة : 52
11- ادفن وجودك في أرض الخمول، فما نبت
مما لم يدفن لا يتمّ نتاجه.
الدفن هو التغطية و الستر، و الخمول: سقوط المنزلة عند الناس، و
نتائج الشجرة: ثمرتها استعير هنا للحكم و المواهب و العلوم التي يجتنيها العبد من
المعرفة باللّه، و ذلك عند موت نفسه و حياة روحه. قلت: استر نفسك أيها المريد و
ادفنها في أرض الخمول حتى تستأنس به و تستحليه، و يكون عندها أحلى من العسل و يصير
الظهور عندها أمر من الحنظل، فإذا دفنتها في أرض الخمول و امتدت عروقها فيه،
فحينئذ تجني ثمرتها، و يتم لك نتاجها و هو سر الإخلاص و التحقق بمقام خواص الخواص،
و أما إذا لم تدفنها في أرض الخمول و تركتها على ظهر الشهرة تجول ماتت شجرتها أو
أسقطت ثمرتها، فإذا جنى العارفون ما غرسوه من جنات معارفهم من العلوم، و ما دفنوه
من كنوز الحكم و مخازن الفهوم بقيت أنت فقيرا سائلا أو سارقا صائلا. قال سيدنا
عيسى 7 لأصحابه: أين تنبت الحبة؟ قالوا: في الأرض. قال: كذلك الحكمة لا
تنبت إلا في قلب كالأرض انتهى. و قال بعض العارفين: كلما دفنت نفسك أرضا أرضا سما
قلبك سماء سماء و قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلم: «ربّ أشعث أغبر ذي
طمرين [لا يؤبه به[1]]، تنبوا
عنه أعين النّاس، لو أقسم على اللّه لأبرّه في قسمه[2]».
و كان عليه الصلاة و السلام جالسا مع الأقرع بن حابس كبير بني تميم فمر عليه رجل
من فقراء المسلمين فقال 7 للأقرع بن حابس ما تقول في هذا؟ فقال: هذا يا
رسول اللّه من فقراء المسلمين حقيق إن خطب أن لا يزوج و إن استأذن أن لا يؤذن له و
إن قال إن لا يسمع له ثم مر بهما رجل من المترفين فقال له 7: و ما تقول
في هذا فقال هذا حقيق إن خطب أن يزوج و إن