اسم الکتاب : ايقاظ الهمم فى شرح الحكم المؤلف : ابن عجيبة الجزء : 1 صفحة : 45
من توقفه على أسباب و شروط خفية و بهذا
فرقوا بين الصديق و الصادق لأن الصديق لا يتردد و لا يتعجب و الصادق يتردد ثم يجزم
و إن رأى خرق عادة تعجب و استغرب، و اللّه تعالى أعلم. و لما كانت التعرفات
القهرية ظاهرها جلال و باطنها جمال لما يعقبها من أوصاف الكمال و ربما يشك المريد
فيما وعد الحق عليها من الخيرات و ما رتب عليها من الفتوحات نبه الشيخ على ذلك
فقال:
8- إذا فتح لك وجهة من التعرف فلا تبال معها إن قلّ عملك، فإنه ما
فتحها لك إلا و هو يريد أن يتعرف إليك. ألم تعلم أن التعرف هو مورده عليك و
الأعمال أنت مهديها إليه، و أين ما تهديه إليه مما هو مورده عليك.
فتح هنا بمعنى هيأ و يسر، و الغالب استعماله في الخير، فأشعر الإتيان
به هنا أن جهة التعريف من الأمور الجميلة و الوجهة: هي الجهة، و المراد هنا الباب
و المدخل، و التعرف: طلب المعرفة تقول تعرف لي فلان إذا طلب مني معرفته و المعرفة:
تمكن حقيقة العلم بالمعروف من القلب حتى لا يمكن الانفكاك عنه بحال و المبالاة:
التهمم بفوات الشيء. قلت: إذا تجلى لك الحق تعالى باسمه الجليل أو باسمه القهار و
فتح لك منها بابا و وجهة لتعرفه منها، فاعلم أن اللّه تعالى قد اعتنى بك، و أراد
أن يجتبيك لقربه و يصطفيك لحضرته فالتزم الأدب معه بالرضا و التسليم و قابله
بالفرح و السرور و لا تبال بما يفوتك بها معها من الأعمال البدنية فإنما هي وسيلة
للأعمال القلبية فإنه ما فتح هذا الباب إلا و هو يريد أن يرفع بينك و بينه الحجاب
ألم تعلم أن التعرفات الجلالية هو الذي أوردها عليك لتكون عليه واردا و الأعمال
البدنية أنت مهديها إليه لتكون إليه بها واصلا و فرق كبير بين ما تهديه أنت من
الأعمال المدخولة و الأحوال المعلولة و بين ما يورده عليك الحق تعالى من تحف
المعارف الربانية و العلوم اللدنية. فطب نفسا أيها المريد بما ينزل عليك من هذه
التعرفات الجلالية و النوازل القهرية
اسم الکتاب : ايقاظ الهمم فى شرح الحكم المؤلف : ابن عجيبة الجزء : 1 صفحة : 45