responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : ايقاظ الهمم فى شرح الحكم المؤلف : ابن عجيبة    الجزء : 1  صفحة : 108

قيام لها إلا به و لا ظهور لها إلا منه، و سيأتي له في المناجاة: إلهي كيف يستدل عليك بما هو في وجوده مفتقر إليك؟ أيكون لغيرك ما ليس لك حتى يكون هو المظهر لك؟ متى غبت حتى تحتاج إلى دليل يدل عليك، و متى بعدت حتى تكون الآثار هي التي توصل إليك؟، و اللّه تعالى أعلم. و لما كان المستدلون باللّه قد وسع اللّه عليهم دائرة العلوم، و فتحت لهم مخازن الفهوم، بخلاف المستدلين عليه قد قتر اللّه عليهم أرزاق العلم، بوجود حجاب الوهم أشار إلى ذلك بقوله:

30- لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ‌: الواصلون إليه، وَ مَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ‌: السائرون إليه.

السعة: هي الغنى، و قدر عليه: ضيق عليه.

قلت: أما الواصلون إليه فلأنهم لما نفذت أرواحهم من ضيق الأكوان إلى فضاء الشهود و العيان، أو تقول: لما عرجت أرواحهم من عالم الأشباح إلى عالم الأرواح، أو من عالم الملك إلى عالم الملكوت اتسعت عليها دائرة أرزاق العلوم، و فتحت لها مخازن الفهوم، فأنفقوا من سعة غناهم جواهر العلم المكنون، و من مخازن كنوزهم يواقيت السر المصون، فاتسع لهم ميدان المجال و ركبوا أجياد البلاغة و فصاحة المقال، فما أسرع الغنى لمن واجهته منهم العناية، و ما أعظم فتح من لحظته منهم الرعاية، إن للّه رجالا من نظر إليهم سعد سعادة لا يشقى بعدها أبدا، و هم أهل السر و الحال، و أما السائرون إلى اللّه فلأنهم باقون في ضيق الأكوان، و في عالم الأشباح مسجونون في سجن الوهم لم يفتح لهم شي‌ء من مخازن الفهم مشغولون بجهاد نفوسهم و معاناة تصفية قلوبهم مضيق عليهم في العلوم و مقتر عليهم في سائر الفهوم، فإن جدّوا في السير و صلوا، و انتقلوا من ضيق الأكوان و رحلوا، و تبختروا في رياض العلوم و رفلوا فظفروا بما أملوا و استغنوا بعدها إن ملّوا، و إن رجعوا من الطريق أو قصروا فقد خابوا و خسروا.

تنبيه: إن أردت أن يتسع عليك علم الأذواق، فاقطع عنك مادة

اسم الکتاب : ايقاظ الهمم فى شرح الحكم المؤلف : ابن عجيبة    الجزء : 1  صفحة : 108
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست