اسم الکتاب : ايقاظ الهمم فى شرح الحكم المؤلف : ابن عجيبة الجزء : 1 صفحة : 109
الأوراق، فما دمت متّكلا على كنز غيرك لا
تحفر على كنزك أبدا، فاقطع عنك المادة و افتقر إلى اللّه تفيض عليك المواهب من
اللّه: إِنَّمَا الصَّدَقاتُ لِلْفُقَراءِ وَ الْمَساكِينِ
[التوبة: 60]. إن أردت بسط المواهب عليك صحح الفقر و الفاقة لديك. و قد قال الشيخ
الدباس لتلميذه ابن ميمونة حين تأخر عنه الفتح فرصده فوجده يطالع رسالة القشيري:
اطرح كتابك، و احفر في أرض نفسك يخرج لك ينبوع، و إلا فاذهب عني، انتهى، و باللّه
التوفيق[1]. ثم ذكر
سبب اتساع العلوم على الواصلين دون السائرين، و هو أن الواصلين لم يقفوا مع شهود
الأنوار، بل نفذوا إلى نور الأنوار بخلاف السائرين، فإنهم واقفون مع الأنوار
مفتقرون إليها مملوكون في يدها فقال:
31- اهتدى الراحلون إليه بأنوار التّوجّه، و الواصلون لهم أنوار
المواجهة، فالأولون للأنوار، و هؤلاء الأنوار لهم لأنهم للّه لا لشيء دونه]: قُلِ اللَّهُ ثُمَّ ذَرْهُمْ فِي خَوْضِهِمْ يَلْعَبُونَ [الأنعام: 91].
قلت: أنوار التوجه: هي أنوار الإسلام و الإيمان، و أنوار المواجهة:
هي أنوار الإحسان أو تقول: أنوار التوجه: أنوار الطاعة الظاهرة و الباطنة، و أنوار
المواجهة هي أنوار الفكرة و النظرة أو تقول: أنوار التوجه: أنوار الشريعة و
الطريقة، و أنوار المواجهة: أنوار الحقيقة أو تقول: أنوار التوجه: أنوار المجاهدة
و المكابدة، و أنوار المواجهة: هي أنوار المشاهدة و المكالمة. و بيان ذلك: أن الحق
سبحانه إذا أراد أن يوصل عبده إليه توجه إليه أولا بنور حلاوة العمل الظاهر، و هو
مقام الإسلام فيهتدي إلى العمل و يفنى فيه و يذوق حلاوته، ثم يتوجه إليه بنور
حلاوة العمل الباطن و هو مقام الإيمان من الإخلاص و الصدق و الطمأنينة
[1] - و للقوم مشرب آخر حيث نقل المناوي في الكواكب
الدرية عن العارف باللّه الدمرداش محمدي قوله: إن مطالعة حكايات الصالحين جند من
جنود اللّه تحفز همم المريدين.
اسم الکتاب : ايقاظ الهمم فى شرح الحكم المؤلف : ابن عجيبة الجزء : 1 صفحة : 109