الرجل من يعلم أنه لا يقبل منه، فقال: نعم
ليكون ذلك معذرة له عند اللّه تعالى، و كان مالك بن دينار رحمه اللّه تعالى يقول:
ذهب المعروف يبكي و جاء المنكر يضحك ثم ينشد:
ذهب
الرجال المقتدى بفعالهم
و
المنكرون لكل أمر منكر
و
بقيت في خلف يزكي بعضهم
بعضا
ليدفع معور عن معور
ا ه، فأعرض يا أخي هذا الصفات على نفسك لتعرف هل أنت ممن ينكر المنكر
أو لا، و هل أنت ممن يحبك اللّه تعالى أو لا، و هل نصرت شريعة نبيك محمد صلى اللّه
عليه و سلم أو خذلتها فإنك تزعم إنك من الدعاة إلى اللّه تعالى بحكم النيابة عن
رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم لكونه قد أمن علماء أمته على شريعته من بعده صلى
اللّه عليه و سلم، و لعل غالب الناس اليوم قد خذل الشريعة المطهرة بأقواله و
أفعاله و سكوته عن المنكر فلا حول و لا قوة إلا باللّه العلي العظيم، و الحمد للّه
رب العالمين.
عدم العجب
(و من أخلاقهم رضي اللّه تعالى عنهم):
عدم العجب و الإدلال بشيء من أعمالهم بل يرون أنهم استحقوا التعذيب بالنار بصالح
أعمالهم عندهم فضلا عن سيئها لما يشهدونه فيها من سوء الأدب مع اللّه تعالى، و قد
ورد أن عيسى عليه الصلاة و السلام كان يقول كم من سراج قد أطفأته الريح و كم من
عبادة قد أفسدها العجب، و كان وهب بن منبه رحمه اللّه تعالى يقول: ساعة يزري العبد
فيها نفسه خير له من عبادة سبعين سنة، و كان أبو عبد اللّه الأنطاكي رحمه اللّه
تعالى يقول: أضر الطاعات على العبد ما أنسته مساويه و ذكرته حسناته فيزداد به
إدلالا و اغترارا بين الناس فيذهب إلى الآخرة صفر اليدين من الخير و الثواب و هو
يحسب أنه من الصالحين اه.
و كان الشعبي رحمه اللّه تعالى يقول: بلغنا أن رجلا ممن سبق كان إذا
مشى يظله السحاب لفضله فرآه رجل آخر فقال و اللّه لأمشين في ظله لعل أن تنالني
بركته، قال:
فأعجب الرجل الأول بنفسه حين رأى الناس يمشون في ظله فلما افترقا ذهب
الظل مع ذلك الرجل التابع، و كان أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي اللّه عنه يقول:
إن من علامة صدق توبتك أن تعترف للّه بذنبك و إن من إخلاص عملك أن ترفض عجبك و إن
من صدق شكرك أن تعرف تقصيرك، و قد كان عمر بن عبد العزيز رحمه اللّه تعالى إذا خطب
على المنبر فخاف العجب قطع الكلام و عدل إلى غيره مما لا عجب فيه، و إذا كانت
كتابا فخاف العجب فيه مزقه و قال: اللهم إني أعوذ من شر نفسي.