و كان سفيان الثوري رحمه اللّه تعالى يقول:
ما بقى أحد في سائر هذا الزمان يستحي منه فقيل له و لم ذلك، فقال: إنما يستحي ممن
يأمر بالمعروف و ينهى عن المنكر، و أما من ليس كذلك لا هيبة له لعدم خوفه من اللّه
تعالى، و كان أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي اللّه عنه يقول لأصحابه من أهدى
إليّ عيوبي سألت له رحمة اللّه تعالى، و كان مالك بن دينار رحمه اللّه تعالى يقول:
بلغنا أنه كان في بني إسرائيل حبر يعظ الناس و يجتمعون عليه و يسمعون وعظه رجالا و
نساء في بيته، و كان له ولد شاب فغمز ابنه يوما امرأة جميلة من النساء و رآه أبوه
فقال له: مهلا يا بني، قال: فسقط من سريره سرعة مكبا على وجهه حتى انقطع بعض
أعضائه و أوحى اللّه إلى نبي ذلك الزمان أن أخبر فلانا- يعني هذا الحبر- أني لا
أخرج من صلبه صديقا أبدا ما كان من غضبه لي أن يقول لابنه مهلا يا بني.
و كان سفيان الثوري رحمه اللّه تعالى يقول: إذا رأيتم رجلا محبوبا
عند جيرانه محمودا عندهم فاعلموا أنه مداهن، و قد كان عبد اللّه بن مسعود رضي
اللّه عنه يقول: إذا مات الرجل و لم يذمه أحد من جيرانه فاعلموا أنه مداهن ا ه،
قلت: و حقيقة المداهن هو من يرضي الناس بما ينقص دينه كما أن المداراة هي إرضاء
الناس بما ينقص دنياه فالأولى حرام و الثانية مستحبة.
و كان مالك بن دينار رحمه اللّه تعالى يقول: بلغنا أن اللّه تعالى
أوحى إلى الملائكة عليهم الصلاة و السلام أن صبوا العذاب على قرية كذا و كذا صبا،
فصاحت الملائكة و قالوا:
يا رب إن فيهم عبدك فلانا العابد، فقال تعالى: أسمعوني ضجيجه من
العذاب فإن وجهه لم يتمعط قط إذا رأى محارمي، و كان لقمان 7 يقول: كذب
من قال إن الشر يطفأ بالشر فإن كان صادقا فليوقد نارا عند نار هل تطفئ إحداهما
الأخرى بل لا يطفأ الشر إلا بالخير كما يطفئ الماء النار اه.
و قد دخل أبو إسحاق الفزاري على هارون الرشيد رحمه اللّه تعالى فبلغ
ذلك يوسف بن أسباط رحمه اللّه تعالى فلامه و قال: كيف تدخل على هذا الرجل و عنده
الفرش الحرير، فقال أبو إسحاق ما بلغك إلا الحرير يا يوسف فأين الدماء و الفروج و
الأموال، و لكنا إنما دخلنا عليه للضرورة، و قد كان يقال إن العالم إذا دخل على
ظالم و لم يسأل عن شيء فهو في سعة، و إني لم أسأل عن شيء و أنا جالس عنده فلو
قيل هذا الفرش حرام لقلت نعم هو حرام.
(قلت) و في هذا الجواب نظر و اللّه أعلم، و قد قيل لسفيان الثوري
رحمه اللّه تعالى أ يأمر