اسم الکتاب : الطريق الى الله تعالي من كلام الشيخ الأكبر محيى الدين ابن العربى المؤلف : غراب، محمود محمود الجزء : 1 صفحة : 206
خاتمة
لعلك تطلب أيها الباحث عن الأسرار، و الباغي اقتباس الأنوار، شواهد
عليها من الآيات و الأخبار و الآثار، ليتقوى طلبك عليها، و تكون ممن ينتدب إليها،
نعم سدد اللّه نظرك الصائب، و جعلك ممن جمع في معرفته بين الشاهد و الغائب، و
نمهدها لك أحسن تمهيد، و نفرق لك بين المعوج منها و السديد، ما إذا عملت بمقتضاه،
كوشفت على حقيقته و معناه، و شاهدت المشاهد القدسية، و المكاشفات العلمية، فألق
سمعك إن كنت- على الحقيقة- طالبا، و لا تكن عما أورده عليك راغبا، أما الآيات
فقوله تعالى:
و أما الأخبار، فقوله صلّى اللّه عليه و سلّم: «من عمل بما علم أورثه
اللّه علم ما لم يعلم» و قال:
«العلم نور يضعه اللّه في قلب من يشاء» و قال: «إن من العلم كهيئة
المكنون لا يعلمه إلا العالمون باللّه» و قال حكاية عن ربه: «و لا يزال العبد
يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته كنت له سمعا و بصرا» الحديث- و في حديث
أبي سعيد «القلوب أوعية، قلب أجرد فيه سراج يزهو، فذلك قلب المؤمن» و أما الآثار،
فقد قال علي رضي اللّه عنه، و ضرب بيده إلى صدره: «إن ههنا لعلوما جمة، لو وجدت
لها حملة» و قال ابن عباس رضي اللّه عنهما في قوله تعالى:
اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَماواتٍ وَ مِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَ لو ذكرت تفسيره لرجمتموني، و في رواية، لقلتم: إني كافر، و قال علي
رضي اللّه عنه: «لو أذن لي أن أتكلم في الألف من الحمد للّه، لتكلمت فيها سبعين
وقرا» إلى أمثال هذا مما لا يحصى كثرة، و هذه العلوم التي اختص اللّه تعالى بها
بعض عباده، و نهى عن كشفها لغير أهلها في الكتاب و السنة، إيه وفقك اللّه و سددك،
و سبيل حصول هذه العلوم المذكورة في قلوب أهل الحقائق له شروط جمة، لا يفي بها إلا
أهل العناية و التوفيق، و السالكون سواء الطريق، فنقول:
اسم الکتاب : الطريق الى الله تعالي من كلام الشيخ الأكبر محيى الدين ابن العربى المؤلف : غراب، محمود محمود الجزء : 1 صفحة : 206