responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الطريق الى الله تعالي من كلام الشيخ الأكبر محيى الدين ابن العربى المؤلف : غراب، محمود محمود    الجزء : 1  صفحة : 207

إن القلب- على خلاف بين أهل الحقائق و المكاشفات- كالمرآة المستديرة، لها ستة أوجه، و قال بعضهم ثمانية، هذا محل الخلاف، و لو لا التطويل و خروجنا عما أردناه من الاختصار لأزلنا الخلاف، و بيّنا وجه الجمع بين هذين المقامين بأدلة قاطعة، و لا يلتفت إلى من زاد وجها تاسعا، لأن الحكمة الإلهية منعت من ذلك، و إلا في الإمكان أن يوجد لها من الوجوه ما لا يتناهي، إذ صفات الجلال لا تحصى، و قد جعل اللّه في مقابلة كل وجه من وجوه القلب حضرة من أمهات الحضرات الإلهية تقابله، فمتى جلى وجه من هذه الوجوه، تجلت تلك الحضرة فيه، فإذا أراد سبحانه أن يمنح عبده من هذه العلوم شيئا، تولى سبحانه بتوفيقه مرآة قلبه، فنظرها بعين اللطف و التوفيق، و أمدها ببحر التأييد، فاهتدى ذلك الموفق للرياضات و المجاهدات، و وجد الإرادة و المحبة في قلبه، فبادرت الجوارح بالطاعة للقلب، إذ هو مالكها و سيدها، فاستعمل الاذكار، و علق الهمة، و تخلق بأخلاق اللّه، و غسل قلبه بماء المراقبة، حتى ينجلي عن القلب صدأ الأغيار، و تتجلى فيه حضائر الأسرار.

فالوجه الأول‌ ينظر إلى حضرة الأحكام، و صقالة ذلك الوجه بالمجاهدات.

و الوجه الثاني‌ ينظر إلى حضرة الاختيار و التدبير، و صقالة ذلك الوجه بالتسليم و التفويض.

و الوجه الثالث‌ ينظر إلى حضرة الإبداع، و صقالة ذلك الوجه بالفكر و الاعتبار.

و الوجه الرابع‌ ينظر إلى الخطاب، و صقالته بخلع الأكوان.

و الوجه الخامس‌ ينظر إلى حضرة الحياة، و صقالته بالتبري و الفناء.

و الوجه السادس‌ و هو الثامن- عند من أثبتها ثمانية- ينظر إلى حضرة ما لا يقال، و صقالته ب يا أَهْلَ يَثْرِبَ لا مُقامَ لَكُمْ‌[1].

و أما الوجهان اللذان هما محل الخلاف‌، فأهل الستة صرفوهما إلى حضرة الأحكام، و غيرهم قال: إن أحدهما ينظر إلى المشاهدة و صقالته ببيع النفس، و الآخر ينظر إلى حضرة السماع و صقالته بالصمت و الأدب، و ليس ثم وجه تاسع، و لا كشف لها سبحانه حضرة زائدة على هذه الثمانية، فكانت تجهلها، إذ ليس لها وجه يتجلى فيه للحكمة الإلهية التي‌


[1] - راجع ف ح 4/ 386- كتاب ذخائر الأعلاق.

اسم الکتاب : الطريق الى الله تعالي من كلام الشيخ الأكبر محيى الدين ابن العربى المؤلف : غراب، محمود محمود    الجزء : 1  صفحة : 207
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست