اسم الکتاب : الرسالة القشيرية المؤلف : القشيري، عبد الكريم الجزء : 1 صفحة : 142
و روى عن على بن الحسين: أنه كان فى سجوده،
فوقع حريق فى داره، فلم ينصرف عن صلاته، فسئل عن حاله، فقال:
ألهتنى النار الكبرى عن هذه النار.
و ربما تكون الغيبة عن إحساسه بمعنى[1]
يكاشف به من الحق سبحانه و تعالى.
ثم إنهم[2] مختلفون
فى ذلك على حسب أحوالهم. و من المشهور:
أن ابتداء حال أبى حفص النيسابورى الحداد فى ترك الحرفة، أنه كان على
حانوته، فقرأ قارئ آية من القرآن، فورد على قلب أبى حفص وار د تغافل عن إحساسه،
فأدخل يده فى النار، و أخرج الحديدة المحماة بيده، فرأى تلميذا له ذلك، فقال: يا
أستاذ، ما هذا؟
فنظر أبو حفص إلى ما ظهر عليه، فترك الحرفة، و قام من حانوته.
و كان الجنيد قاعدا، و عنده امرأته، فدخل عليه الشبلى، فأرادت امرأته
أن تستتر، فقال لها الجنيد: لا خبر للشبلى عنك، فاقعدى.
فلم يزل يكلمه الجنيد، حتى بكى الشبلى. فلما أخذ الشبلى فى البكاء
قال الجنيد لامرأته: استترى، فقد أفاق الشبلى من غيبته.
سمعت أبا نصر المؤذن بنيسابور، و كان رجلا صالحا، قال:
كنت أقرأ القرآن فى مجلس الأستاذ أبى على الدقاق بنيسابور؛ وقت كونه
هناك و كان يتكلم فى الحج كثيرا. فأثر فى قلبى كلامه، فخرجت إلى الحج تلك السنة، و
تركت الحانوت و الحرفة، و كان الأستاذ أبو على رحمه اللّه، خرج إلى الحج أيضا فى
تلك السنة، و كنت مدة كونه بنيسابور أخدمه، و أواظب على القراءة فى مجلسه، فرأيته
يوما فى البادية: تطهر .. و نسى قمقمة كانت بيده .. فحملتها، فلما عاد إلى رحله
وضعتها عنده، فقال: جزاك اللّه خيرا، حيث حملت هذا.