responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الانسان الكامل من كلام الشيخ الأكبر محيى الدين ابن العربى المؤلف : غراب، محمود محمود    الجزء : 1  صفحة : 13

الحروف، و أما علمه بباطنها فعلى تلك المدرجة يرجع إلى الحق فيها، فيقف على أسرارها و معانيها من الاسم الباطن، إلى أن يصل إلى غايتها، فيحجب الحق ظهوره بطريق الخدمة في نفس الأمر، فيرى مع هذا القرب الإلهي خلقا بلا حق، كما يرى العامة بعضهم بعضا، فيحكم في العالم عند ذلك بما تقتضيه حقيقته، بما هو نسخة كونية للمناسبة التي بينه و بين العالم، فلا يعلم العالم هذا القرب الإلهي، و هذا هو محق المحق الذي يصل إليه رجال اللّه، فهو يشهد اللّه باللّه، و يشهد الكون بنفسه لا باللّه، و يكون في هذا المقام متحققا من حروف أوائل السور المعجمة بالألف و الراء خاصة، مع علمه بما بقي منها، غير أن الحكم فيه للألف و الراء في هذا المقام، حيثما وقعا من السور، و أما حكمه في العالم في هذا المقام فمن باقي هذه الحروف، من لام و ميم و صاد و كاف و هاء و ياء و عين و طاء و سين و حاء و قاف و نون، فبهذه الحروف يظهر في العالم في مقام محق المحق، و بالألف و الراء يظهر في المحق، و هم الأولياء الذين قال فيهم النبي: «إذا رؤوا ذكر اللّه» و ذلك لأن عين تجليهم بهذين الحرفين في الصورة الظاهرة عين تجلي الحق، فمن رآهم رأى الحق، فهم إذا رؤوا ذكر اللّه لتحققهم بصفته، فهم يشاهدون الحق فيه، إذا تجلى لهم في صورة حق.

و لما كان بين رتبة الألف من هذه الحروف و بين الراء ثلاث مراتب، لذلك لم تقو الراء قوة الألف، فإن الألف لا تحمل الحركة و لا تقبلها و الراء ليست كذلك. و اعلم أن محق المحق أتم عند أهل اللّه في الدنيا، و المحق أتم في الآخرة، و محق المحق لا يفوز به إلا أخص أهل اللّه، و هو للعقول المنورة هياكلها، و المحق يفوز به الخصوص، و هو للنفوس المنورة، جعلنا اللّه ممن محق محقه فانفرد به حقه. (ف ح 2/ 555).

الخلوة الإلهية بالغوث:

اتخذ اللّه تعالى الخلوة للانفراد بعبده، و لهذا لا يكون في الزمان إلا واحد يسمى الغوث و القطب، و هو الذي ينفرد به الحق و يخلو به دون خلقه، فإذا فارق هيكله المنور انفرد بشخص آخر، لا ينفرد بشخصين في زمان واحد، و هذه الخلوة الإلهية من علم الأسرار التي لا تذاع و لا تفشى، و ما ذكرناها و سميناها إلا لتنبيه قلوب الغافلين عنها، بل الجاهلين بها، فإني ما رأيت ذكرها أحد قبلي، و لا بلغني، مع علمي بأن خاصة أهل اللّه‌

اسم الکتاب : الانسان الكامل من كلام الشيخ الأكبر محيى الدين ابن العربى المؤلف : غراب، محمود محمود    الجزء : 1  صفحة : 13
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست