responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الاقتباس من القرآن الکریم المؤلف : الثعالبي، أبو منصور    الجزء : 1  صفحة : 101

ولم تشك في أنها طلقت. وبلغ الهم بتلك الحال من عيسى كل مبلغ ، واشتد جزعه ، واضطرابه فأمر بجميع أعيان الفقهاء فلما حضروا استفتاهم فيها ، فما منهم إلّا من أفتى بطلاقها ، وفيهم شاب [1] ، رث الهيئة [2] ، لا ينطق. فقال عيسى : ما سكوتك يا فتى؟ فقام ونادى بأعلى صوته : أمسك عليك زوجك أيها الأمير ، فإن الله تعالى يقول : (لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ). فلا شيء أحسن منه. فقالوا جميعا : لقد قال قولا سديدا ، وحكموا له بالإصابة ، واتفقوا على أنها لم تطلّق ، فسري عن عيسى ، وسرّ غاية السرور ، وأمر للفتى بصلة وخلعة [3].

قال الجاحظ [4] :

أو ما علمت [5] أن الإنسان الذي خلق الله السموات والأرض وما بينهما لأجله [6] كما قال الله تعالى : (وَسَخَّرَ لَكُمْ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً مِنْهُ)[7].

وقال : إنما سمّوه العالم الصغير سليل العالم الكبير [8] ، ووجدوا له الحواس الخمس ، ووجدوه يأكل اللحم والحب ، ويجمع بين ما تقتاته البهيمة والسبع ، ووجدوا فيه صولة


[1] في الأصل : (شاءت).

[2] في الأصل : (الهبة).

[3] الخبر في الفرج بعد الشدة : 411 وفيه : أن عيسى بن موسى الهاشمي حين احتجبت زوجته عنه بات ليلة عظيمة ، فلما أصبح غدا على المنصور وأخبره الخبر ، وقال له : يا أمير المؤمنين ، إن تمّ علي طلاقها تلفت نفسي عليها ، وكان الموت أحب من الحياة ، وأظهر للمنصور جزعا شديدا. فأحضر المنصور الفقهاء واستفتاهم. فقال جميع من حضر : قد طلقت إلّا رجلا واحدا من أصحاب أبي حنيفة (رضي الله عنه) ، فإنه سكت فقال له المنصور : ما لك لا تتكلم ، فقال : (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ (1) وَطُورِ سِينِينَ (2) وَهذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ (3) لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ) فلا شيء يا أمير المؤمنين أحسن من الإنسان. فقال المنصور لعيسى بن موسى : قد فرّج الله عزوجل عنك ، والأمر على ما قال ، فأقم على زوجتك وارسلها أن أطيعي زوجك. والآية من سورة التين : 4.

[4] النص في الحيوان 1 / 212.

[5] في الأصل : (وما علمت).

[6] في الحيوان 1 / 212 : (من أجله).

[7] الجاثية : 13.

[8] في الحيوان : (لما وجدوا فيه من جمع أشكال ما في العالم الكبير ووجدنا له الحواس الخمس ، ووجدوا فيه المحسوسات الخمس).

اسم الکتاب : الاقتباس من القرآن الکریم المؤلف : الثعالبي، أبو منصور    الجزء : 1  صفحة : 101
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست