الدليل
العاشر- الذي أقامه المحدّث النوري لإثبات التحريف- مسألة اختلاف القراءات، قال:
لا شكّ أنّ القرّاء مختلفون في كثير من حروف القرآن و في هيئات كلماته، و قد نزل
القرآن بحرف واحد لا تغيير فيه و لا اختلاف، قال: لكن بما أنّ المصحف الحاضر غير
خالص عن بعض تلكم القراءات بل عن أكثرها غير المطابقة لما انزل، فهو حينئذ غير
مطابق كاملا لما انزل على النبيّ صلّى اللّه عليه و اله إعجازا، و هو المقصود!
قال:
و هذا الدليل و إن كان غير واف لإثبات نقصان سورة بل آية و كلمة أيضا، لعدم اختلاف
القرّاء في مثل ذلك. إلّا أنّه يمكن تتميمه بعدم القول بالفصل![1]
و
قد فصّلنا القول في القرّاء و القراءات، و ذكرنا أوجه مغايرة مسألة القراءة
المختلف فيها مع مسألة تواتر القرآن، و أن لا صلة بينهما في شيء، فإنّ القرآن
شيء و القراءات شيء آخر. و القرآن هو النص المتواتر عن رسول اللّه النازل عليه
وحيا إعجازيا، و قد احتفظ عليه جمهور المسلمين و كبار أئمّة الدين، لا تغيير فيه و
لا اختلاف عبر الدهور.
أمّا
القراءات فهي اجتهادات في تعبير هذا النصّ و في كيفية أدائه، على ما سبق تفصيله.[2]
أمّا
مسألة التتميم بعدم القول بالفصل، فلا موضوع لها أوّلا. و ثانيا: هي مسألة اصولية
تخصّ الامور النظرية العقلية. دون العلوم النقلية المبتنية على أساس النقد و
التمحيص.
و
بعد ... فإليك أهمّ أدلّته، هما دليلاه الحادي عشر و الثاني عشر:
أهمّ
مستند القول بالتحريف
و
لعلّ أهمّ مستند القائلين بالتحريف هي مجموعة روايات كانت مبعثرة هنا و هناك
حسبوهنّ دلائل على تحريف الكتاب، إمّا دلالة بالعموم، أو ناصّة على موضع التحريف
بالخصوص- فيما زعموا- و قد جعل المحدّث النوري من النوع الأوّل دليله الحادي عشر،