قال
الزمخشري: فالمعنى أنّه كانت له مواضع هو قمن بأن يكون فيها. فحين حرّفوه تركوه
كالغريب الذي لا موضع له، بعد مواضعه و مقارّه.[1]
و
هكذا جاء عن الإمام الباقر عليه السّلام: «و كان من نبذهم الكتاب أن أقاموا حروفه
و حرّفوا حدوده، فهم يروونه و لا يرعونه. و الجهّال يعجبهم حفظهم للرواية، و
العلماء يحزنهم تركهم للرعاية ...».[2] أي إنّهم
احتفظوا على الألفاظ و العبارات، لكن مع سوء التأويل في معاني الآيات، فكان ذلك
نبذا لكتاب اللّه، حيث ترك العمل بمداليله الذاتية.
و
في رواية اخرى عنه عليه السّلام: «و رجل قرأ القرآن فحفظ حروفه و ضيّع حدوده و
أقامه إقامة القدح. فلا كثّر اللّه هؤلاء من حملة القرآن ...».[3]
و
القدح- بفتحتين- إناء واسع الفم يستصحبه المسافر، فإذا ما أكل فيه أو شرب جعله في
آخر رحله أو علّقه على ظهره. و في الحديث: «لا تجعلوني كقدح الراكب» أي لا
تأخّروني في الذكر، كناية عن عدم الاهتمام بالشيء فإذا ما قضى حاجته منه تركه خلف
ظهره.
فقوله:
أقامه مقام القدح، كناية عن عدم الاهتمام بالقرآن فلا يتصدّر حياة الرجل و إنّما
يحلّ محلّ الفضول في اخريات مزاولات الحياة، فإذا ما فرغ من أوّليّات عيشته و لم
يجد ما يلهي نفسه به، أخذ من القرآن ما يتفنّن به في حياته اليومية أخذا بالعرض و
ليس مقصودا بالذات.
التحريف
اصطلاحا
و
أمّا في الاصطلاح فجاء على سبعة وجوه:
أ-
تحريف بمدلول الكلام: و هو تفسيره على غير وجهه، بمعنى تأويله و تحوير