كان
عمر بن الخطاب يزعم من شريعة رجم المحصن آية قرآنية كانت تقرأ أيّام حياة النبي
صلّى اللّه عليه و اله و لكنّها نسيت فيما بعد لغير ما سبب معروف!
أخرج
البخاري و مسلم بإسنادهما عن ابن عباس، قال: خطب عمر خطبته بعد مرجعه من آخر حجّة
حجّها، قال فيها: إنّ اللّه بعث محمّدا صلّى اللّه عليه و اله بالحقّ، و أنزل عليه
الكتاب، فكان ممّا أنزل اللّه آية الرجم، فقرأناها و عقلناها و وعيناها، فلذا رجم
رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله و رجمنا بعده، فأخشى إن طال بالناس الزمان أن
يقول قائل: و اللّه ما نجد آية الرجم في كتاب اللّه، فيضلّوا بترك فريضة أنزلها
اللّه. و الرجم في كتاب اللّه حقّ على من زنى، إذا أحصن من الرجال و النساء إذا
قامت البيّنة أو كان الحبل أو الاعتراف.[1]
و
في موطأ مالك: خطب عمر عند منصرفه من الحجّ و قال: إيّاكم أن تهلكوا عن آية الرجم،
يقول قائل: لا نجد حدّين في كتاب اللّه. فقد رجم رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله
و رجمنا. و الذي نفسي بيده، لو لا أن يقول الناس: زاد عمر في كتاب اللّه تعالى
لكتبتها: «الشيخ و الشيخة- إذا زنيا- فارجموهما البتة» فإنّا قد قرأناها.
قال
مالك: قال يحيى بن سعيد: قال سعيد بن المسيّب: فما انسلخ ذو الحجّة حتّى قتل عمر.
قال يحيى:[2] سمعت
مالكا يقول: قوله: الشيخ و الشيخة، يعني الثيّب و الثيّبة.[3]
و
من الطريف أنّ عمر جاء بآية الرجم عند الجمع الأوّل على عهد أبي بكر، فلم تقبل
منه، و طلب زيد بن ثابت منه شاهدين يشهدان بأنّها آية من كتاب اللّه، فلم يستطع
عمر من إقامتهما.[4] و مع ذلك
فقد بقيت ركيزة نفسه يبوح بها بين آونة و اخرى، حتّى أعلن بها
[1] - البخاري، ج 8، ص 208- 211، باب رجم الحبلى؛ و
مسلم، ج 5، ص 116؛ و مسند أحمد، ج 1، ص 23 و ج 5، ص 183؛ و أبو داود، ج 4، كتاب
الحدود، باب 23، ص 145؛ و الترمذي، ج 4، كتاب الحدود، باب 7، ص 39؛ و ابن ماجة،
كتاب الحدود، ج 2، ص 115- 116؛ و الدارمي، ج 2، كتاب الحدود، باب 16، ص 179؛ و
الموطأ، ج 3، ص 42.
[2] - هو: يحيى بن يحيى الليثي راوي الموطّأ عن مالك
...( تنوير الحوالك، ص 10 و 11 و 13)
[3] - تنوير الحوالك للسيوطي، ج 3، ص 42- 43. و راجع:
فتح الباري لابن حجر، ج 12، ص 127.