قال الشيخ
أبو جعفر الطوسي في ذيل الآية
«أَ فَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلى قُلُوبٍ أَقْفالُها»:[1] فيه تنبيه على بطلان قول الجهّال من أصحاب
الحديث: أنّه ينبغي أن يروى الحديث على ما جاء، و إن كان مختلّا في المعنى.[2]
نعم،
بهذا الاسلوب المبتذل قام أهل الحشو بشحن حقائبهم من شواذّ الأخبار و غرائب
الآثار، و بذلك مهّدوا السبل لرواج الإسرائيليات و نشر الأقاصيص الاسطورية، و
ازدحمت من وفرتها كتب الحديث و التفسير، و في التاريخ المدوّن أيضا منها الشيء
الكثير.
و
هكذا نجد في بضائع أهل الحشو المزجاة حشدا من أخبار التحريف، سجّلتها المجاميع
الحديثية الكبرى، أمثال الصحاح الست و غيرها من المدوّنات المعروفة عند أهل
السنّة. و قد اغترّ بها جماعات، كانوا حسبوا من تلك الروايات حقائق مرهونة، فلا
بدّ من تأويلها أو علاج آخر، ممّا ابتدعه أهل الاصول باسم «نسخ التلاوة»، فغيّروا
من عنوان «التحريف» إلى عنوان آخر تمويها بواقع الأمر.
و
قد بحثنا فيما سلف أنّ تغيير العبارة لا يحلّ مشكلة الواقع و إنّما يزيد في صلب
الإشكال، لا سيّما و بعض تلك الروايات تنصّ على أنّ الآية (المزعومة) كانت ممّا
تتلى حتّى ما بعد وفاة الرسول صلّى اللّه عليه و اله.[3]
نعم،
كانت المشكلة منحلّة عند أصحابنا الإماميين، حيث رفضهم الباتّ لتلكم الأراجيف
السخيفة، فلا الأسانيد صحيحة، و لا المتون متوافقة مع اصول المذهب:
«لا يَأْتِيهِ الْباطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَ لا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ
حَكِيمٍ حَمِيدٍ».[4]
و
إليك نماذج من أحاديث التحريف نقلتها أهل الحشو و سجّلتها أرباب كتب الحديث،
نذكرها تباعا و نعقّب كلّ واحد منها بما نراه من تعليق: