أسلفنا
أنّ شبهة التحريف جاءت من قبل روايات عامّية الإسناد، شاذّة، حاكتها عقول ضعيفة أو
مدخولة، اعتمدها أصحاب الظواهر من أهل الحديث (الحشوية) ممّن دأبوا على الإكثار من
نقل الأحاديث و روايتها نقلا بلا هوادة و رواية بلا دراية، حتّى و لو صادمت اصول
الشريعة أو خالفت مباني الإسلام. ما دام الاهتمام متوجّها إلى جانب تضخّم الحجم
مهما كان المحتوى. و من ثمّ لم يأبهوا عمّن يأخذون و علام يستندون، فخلطوا الغثّ
بالسمين و خبطوا الحابل بالنابل خبط عشواء!
قال
ابن الجوزي: و لكن شره جمهور المحدّثين،[1]
فإنّ من عادتهم تنفيق حديثهم و لو بالبواطيل. و هذا قبيح منهم، لأنّه قد صحّ عن
النبيّ صلّى اللّه عليه و اله أنّه قال: من حدّث عنّي حديثا يرى أنّه كذب فهو أحد
الكذّابين.[2]
و
في ذلك يقول الإمام الباقر عليه السّلام: «و الجهّال يعجبهم حفظهم للرواية، و
العلماء يحزنهم تركهم للرعاية».[3]
[1] - عدّهم القاضي عبد الجبّار، النوابت من الحنابلة،
على ما أسلفنا. راجع: شرح الاصول الخمسة، ص 527.
[2] - الموضوعات، ج 1، ص 240. و تنفيق البضاعة ترويجها.