مصر على
صهيون و خرّب بلادهم و أباد آثارهم و سلب البيت و نهب ما فيه. و منها ما تكرّر على
عهد الملك الإسرائيلي المرتد «منسيّ» (698- 642 ق. م) حيث دعا إلى عبادة الأوثان و
أفسد الشريعة و استبدل من القدس الذي هو بيت عبادة معبدا للأصنام و الأرجاس.
هذا،
و لم يكن البيت- أثناء تلك المدّة الطويلة- بمعزل عن الزوّار و النظّار، و الحرس و
الخدم يعملون في تنظيفه و مراقبته كلّ صباح و مساء، فأين كان السفر المزعوم مختبئا
عن الأنظار؟!
نعم،
هو أمر مدبّر، قد دبّر بليل. و لعلّ الملك- و هو يحاول الإصلاح الديني- قد تواطأ
مع الكاهن الأعظم في اختلاق هذا العثور. أو لعلّ الكاهن هو الذي دبّر الأمر بنفسه-
حسب ما احتمله فخر الإسلام-[1] حيث رأى
من الملك منذ بدايته نشاطا في ترويج الدين و إقامة الشعائر، ففكّر في دعمه بجمع
شتات أحكام الشريعة و تدوينها في سفر كما كانت من ذي قبل، فجمعها خلال سبعة عشر
عاما، و عند ما أكملها قدّمها إلى الملك بتلك الحجّة المختلقة و بذلك الاسلوب
المريب.
و المعروف
من عادة كهنة صهيون جواز الكذب في صالح الدين. قالوا: و يجب ذلك إذا توقّف ترويج
الشريعة على الكذب و التزوير.[2]
و
هكذا راجت الكذبة على لسان الأنبياء- حسبما زعموا- كما في أنبياء كذبوا على الملك
«آحاب» لإغرائه. و كان ذلك بأمر من الربّ، نفث روح الكذب في أنبيائه ليكذبوا، و
جعل الكذب على أفواههم.[3]
قال
ارميا- في رسالة أرسلها إلى سبي بابل- عن نبيّين كانا مع السبي: إنّهما قد كذبا
على اللّه. و هما: آحاب بن قولايا و صدقيّا بن معسيّا. و سوف يبتليان بقتل ذريع
بيد ملك
[1] - راجع: أنيس الأعلام، ج 2، ص 27- 29 و ج 3، ص 175.
[2] - كتبه عنهم المورّخ الشهير« موشيم» في كتابه« رجال
القرن الثاني»، ط 1832، ص 65، بنقل أنيس الأعلام، ج 3، ص 113.
[3] - انظر الإصحاح 22 ع، 11- 24، الملوك الأول، ص 578.