تَزْفِرُ النِّيرَانُ وَ تَرْمِي النَّارُ بِمِثْلِ الْجِبَالِ شَرَراً فَلَا يَبْقَى ذُو رُوحٍ إِلَّا انْخَلَعَ قَلْبُهُ ذَكَرَ ذَنْبَهُ وَ شُغِلَ بِنَفْسِهِ إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّهُ فَأَيْنَ أَنْتَ يَا عَمْرُو مِنْ هَذَا قَالَ إِنِّي أَسْمَعُ أَمْراً عَظِيماً وَ أَسْلَمَ وَ آمَنَ بِاللَّهِ وَ رَسُولِهِ وَ آمَنَ مَعَهُ نَاسٌ مِنْ قَوْمِهِ وَ رَجَعُوا إِلَى قَوْمِهِمْ.
ثُمَّ إِنَّ عَمْراً نَظَرَ إِلَى أُبَيِّ بْنِ عَثْعَثٍ الْخَثْعَمِيِّ فَأَخَذَ بِرَقَبَتِهِ وَ جَاءَ بِهِ إِلَى النَّبِيِّ ص فَقَالَ أَعْدِنِي عَلَى هَذَا الْفَاجِرِ الَّذِي قَتَلَ أَبِي فَقَالَ النَّبِيُّ ص أَهْدَرَ الْإِسْلَامُ مَا كَانَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَانْصَرَفَ عَمْرٌو مُرْتَدّاً وَ أَغَارَ عَلَى قَوْمٍ مِنْ بَنِي الْحَرْثِ بْنِ كَعْبٍ وَ مَضَى إِلَى قَوْمِهِ فَاسْتَدْعَى رَسُولُ اللَّهِ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ع وَ أَمَّرَهُ عَلَى الْمُهَاجِرِينَ وَ أَنْفَذَهُ إِلَى بَنِي زُبَيْدٍ وَ أَرْسَلَ خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ فِي طَائِفَةٍ مِنَ الْأَعْرَابِ وَ أَمَّرَهُ بِقَصْدِ الْجُعْفِيِّ فَإِذَا الْتَقَيَا فَالْأَمِيرُ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ فَاسْتَعْمَلَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مُقَدِّمَتِهِ خَالِدَ بْنَ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ- وَ اسْتَعْمَلَ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ عَلَى مُقَدِّمَتِهِ أَبَا مُوسَى الْأَشْعَرِيَّ فَلَمَّا سَمِعَتْ جُعْفِيٌّ افْتَرَقَتْ فِرْقَتَيْنِ ذَهَبَتْ إِحْدَاهُمَا إِلَى الْيَمَنِ وَ مَالَتِ الْأُخْرَى إِلَى بَنِي زُبَيْدٍ فَسَمِعَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ فَكَاتَبَ خَالِداً أَنْ قِفْ حَيْثُ أَدْرَكَكَ رَسُولِي فَلَمْ يَقِفْ فَكَتَبَ إِلَى خَالِدِ بْنِ سَعِيدٍ يَأْمُرُهُ بِأَنْ تَعَرَّضَ لَهُ حَتَّى تَحْبِسَهُ فَاعْتَرَضَ لَهُ وَ حَبَسَهُ فَأَدْرَكَهُ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ وَ عَنَّفَهُ عَلَى خِلَافِهِ وَ سَارَ حَتَّى لَقِيَ بَنِي زُبَيْدٍ فَلَمَّا رَأَوْهُ قَالُوا لِعَمْرٍو وَ كَيْفَ أَنْتَ يَا أَبَا ثَوْرٍ إِذَا لَقِيَكَ هَذَا الْغُلَامُ الْقُرَشِيُّ فَأَخَذَ مِنْكَ الْإِتَاوَةَ[1] فَقَالَ سَيَعْلَمُ إِذَا لَقِيَنِي وَ خَرَجَ عَمْرٌو فَقَالَ مَنْ يُبَارِزُ فَنَهَضَ إِلَيْهِ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع فَقَامَ خَالِدُ بْنُ سَعِيدٍ فَقَالَ لَهُ دَعْنِي يَا أَبَا الْحَسَنِ بِأَبِي أَنْتَ وَ أُمِّي أُبَارِزْهُ فَقَالَ ع إِنْ كُنْتَ تَرَى لِي عَلَيْكَ طَاعَةً فَقِفْ مَكَانَكَ فَوَقَفَ ثُمَّ بَرَزَ إِلَيْهِ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ فَصَاحَ بِهِ صَيْحَةً فَانْهَزَمَ عَمْرٌو وَ قَتَلَ أَخَاهُ وَ ابْنَ أَخِيهِ وَ أُخِذَتِ امْرَأَتُهُ فَسُبِيَ مِنْهُمْ نِسْوَانٌ وَ انْصَرَفَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع وَ خَلَّفَ خَالِدَ بْنَ سَعِيدٍ لِيَقْبِضَ زَكَوَاتِهِمْ وَ يُؤْمِنَ مَنْ عَادَ مِنْهُمْ إِلَيْهِ مُسْلِماً فَرَجَعَ عَمْرُو بْنُ مَعْدِيكَرِبَ وَ اسْتَأْذَنَ عَلَى خَالِدِ بْنِ سَعِيدٍ فَأَذِنَ لَهُ فَعَادَ إِلَى الْإِسْلَامِ وَ كَلَّمَهُ فِي امْرَأَتِهِ وَ وُلْدِهِ فَوَهَبَهُمْ لَهُ وَ كَانَ ع اصْطَفَى مِنَ السَّبْيِ جَارِيَةً فَبَعَثَ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ بُرَيْدَةَ الْأَسْلَمِيَّ إِلَى النَّبِيِّ ص وَ قَالَ لَهُ تَقَدَّمِ الْجَيْشَ وَ أَعْلِمْهُ
[1] الاتاوة: الخراج.