اسم الکتاب : المباحث المشرقية فى علم الالهيات و الطبيعيات المؤلف : الرازي، فخر الدين الجزء : 1 صفحة : 353
امتزاج تلك الاوليات بعضها بالبعض و لا محالة انها تكون مرتبة ترتيبا
طبيعيا يكون كل متقدم منها سببا للمتأخر^
الفصل التاسع عشر في اثبات القوة القدسية
(اعلم) ان الانتقال من الاوليات الى النظريات اما ان يكون بتعليم
معلم اولا يكون فان كان بتعليم معلم فلا بد و ان ينتهى بالآخرة الى ما يكون ذلك من
تلقاء نفسه و الا لتسلسل الى غير النهاية و لان كل من مارس علما من العلوم و خاض
فيه و داوم على مزاولته فانه لا بد و ان يستخرج بفكر نفسه ما لم يسبقه اليه
متقدموه قل ذلك او كثر^ (و كيف لا نقول ذلك) و قد بينا ان الاحساس بالجزئيات سبب
لاستعداد النفس لقبول تصورات كلية و سنتعرف ان حصول التصورات المتناسبة سبب لحكم
الذهن بثبوت احدهما للآخر فلا نكير لو وقع للذهن التفات الى تصور محمول بسبب
الاحساس بجزئياته عند استحضار تصور موضوعه و عند ذلك يترتب عليه لا محالة الجزم
بثبوت ذلك المحمول لذلك الموضوع من غير ان استفاد ذلك من معلم او سمعه عن مرشد و قائل
(فظهر) ان الانسان يمكنه ان يتعلم من نفسه و كل ما كان كذلك فانه يسمى حدسا و هذا
الاستعداد يتفاوت في الناس فرب انسان لو اكب طول عمره على تعلم مسئلة تعذر عليه
ذلك و انصرف عنه بدون مطلوبه و رب انسان يكون بالعكس حتى انه لو التفت ذهنه اليه
ادنى لفتة حصل له ذلك و لما رأينا ان الدرجات فيه متفاوتة و المراتب مختلفة بالقوة
و الضعف و الاقل و الأكثر فلا يبعد وجود نفس بالغة الى الدرجة القصوى في القوة و
سرعة الاستعداد لادراك الحقائق حتى كان ذلك الانسان يحيط علما «بحقائق الأشياء من
غير طلب منه
اسم الکتاب : المباحث المشرقية فى علم الالهيات و الطبيعيات المؤلف : الرازي، فخر الدين الجزء : 1 صفحة : 353