تَعَالَى- كِتابٌ أَنْزَلْناهُ إِلَيْكَ مُبارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آياتِهِ وَ اعْلَمُوا رَحِمَكُمُ اللَّهُ أَنَّ سَبِيلَ اللَّهِ سَبِيلٌ وَاحِدٌ وَ جِمَاعُهَا الْهُدَى وَ مَصِيرُ الْعَالِمِ الْعَامِلِ بِهَا الْجَنَّةُ وَ الْمُخَالِفِ لَهَا النَّارُ وَ إِنَّمَا الْإِيمَانُ لَيْسَ بِالتَّمَنِّي وَ لَكِنْ مَا ثَبَتَ فِي الْقَلْبِ وَ عَمِلَتْ بِهِ الْجَوَارِحُ وَ صَدَّقَتْهُ الْأَعْمَالُ الصَّالِحَةُ وَ الْيَوْمَ فَقَدْ ظَهَرَ الْجَفَاءُ وَ قَلَّ الْوَفَاءُ وَ تُرِكَتِ السُّنَّةُ وَ ظَهَرَتِ الْبِدْعَةُ وَ تَوَاخَى النَّاسُ عَلَى الْفُجُورِ وَ ذَهَبَ مِنْكُمُ الْحَيَاءُ وَ زَالَتِ الْمَعْرِفَةُ وَ بَقِيَتِ الْجَهَالَةُ مَا تَرَى إِلَّا مُتْرَفاً صَاحِبَ دُنْيَا لَهَا يَرْضَى وَ لَهَا يَغْضَبُ وَ عَلَيْهَا يُقَاتِلُ ذَهَبَ الصَّالِحُونَ وَ بَقِيَتْ تُفَالَةُ الشَّعِيرِ وَ حُثَالَةُ التَّمْرِ.
وَ قَالَ الْحَسَنُ ع مَا بَقِيَ فِي الدُّنْيَا بَقِيَّةٌ غَيْرُ هَذَا الْقُرْآنِ فَاتَّخِذُوهُ إِمَاماً يَدُلَّكُمْ عَلَى هُدَاكُمْ وَ إِنَّ أَحَقَّ النَّاسِ بِالْقُرْآنِ مَنْ عَمِلَ بِهِ وَ إِنْ لَمْ يَحْفَظْهُ وَ أَبْعَدَهُمْ مِنْهُ مَنْ لَمْ يَعْمَلْ بِهِ وَ إِنْ كَانَ يَقْرَؤُهُ.
وَ قَالَ مَنْ قَالَ فِي الْقُرْآنِ بِرَأْيِهِ فَأَصَابَ فَقَدْ أَخْطَأَ.
وَ قَالَ: إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَجِيءُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ قَائِداً وَ سَائِقاً يَقُودُ قَوْماً إِلَى الْجَنَّةِ أَحَلُّوا حَلَالَهُ وَ حَرَّمُوا حَرَامَهُ وَ آمَنُوا بِمُتَشَابِهِهِ وَ يَسُوقُ قَوْماً إِلَى النَّارِ ضَيَّعُوا حُدُودَهُ وَ أَحْكَامَهُ وَ اسْتَحَلُّوا مَحَارِمَهُ.
وَ قَالَ ص رَتِّلُوا الْقُرْآنَ وَ لَا تَنْثُرُوهُ وَ لَا تَهْذُوهُ هُذَاءَ الشِّعْرِ قِفُوا عِنْدَ عَجَائِبِهِ وَ حَرِّكُوا بِهِ الْقُلُوبَ وَ لَا يَكُنْ هَمُّ أَحَدِكُمْ آخِرَ السُّورَةِ.
وَ خَطَبَ ص وَ قَالَ لَا خَيْرَ فِي الْعَيْشِ إِلَّا لِعَالِمٍ نَاطِقٍ أَوْ مُسْتَمِعٍ وَاعٍ أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّكُمْ فِي زَمَانِ هُدْنَةٍ وَ إِنَّ السَّيْرَ بِكُمْ سَرِيعٌ وَ قَدْ رَأَيْتُمُ اللَّيْلَ وَ النَّهَارَ كَيْفَ يُبْلِيَانِ كُلَّ جَدِيدٍ وَ يُقَرِّبَانِ كُلَّ بَعِيدٍ وَ يَأْتِيَانِ بِكُلِّ مَوْعُودٍ فَقَالَ لَهُ الْمِقْدَادُ يَا نَبِيَّ اللَّهِ وَ مَا الْهُدْنَةُ فَقَالَ دَارُ بَلَاءٍ وَ انْقِطَاعٍ فَإِذَا الْتَبَسَتْ عَلَيْكُمُ الْأُمُورُ كَقِطَعِ اللَّيْلِ الْمُظْلِمِ فَعَلَيْكُمْ بِالْقُرْآنِ فَإِنَّهُ شَافِعٌ مُشَفَّعٌ وَ شَاهِدٌ مُصَدَّقٌ مَنْ جَعَلَهُ أَمَامَهُ قَادَهُ إِلَى الْجَنَّةِ وَ مَنْ جَعَلَهُ خَلْفَهُ سَاقَهُ إِلَى النَّارِ وَ هُوَ أَوْضَحُ دَلِيلٍ إِلَى خَيْرِ سَبِيلٍ ظَاهِرُهُ حُكْمٌ وَ بَاطِنُهُ عِلْمٌ لَا تُحْصَى عَجَائِبُهُ وَ لَا تَنْقَضِي غَرَائِبُهُ وَ هُوَ حَبْلُ اللَّهِ الْمَتِينُ وَ صِرَاطُهُ الْمُسْتَقِيمُ مَنْ قَالَ بِهِ صَدَقَ وَ مَنْ حَكَمَ بِهِ عَدَلَ وَ مَنْ عَمِلَ بِهِ فَازَ فَإِنَّ الْمُؤْمِنَ الَّذِي يَقْرَأُ الْقُرْآنَ كَالْأُتْرُجَّةِ طَعْمُهَا طَيِّبٌ وَ رِيحُهَا طَيِّبٌ وَ إِنَّ الْكَافِرَ كَالْحَنْظَلَةِ طَعْمُهَا مُرٌّ وَ رَائِحَتُهَا كَرِيهَةٌ.