وَ قَالَ ص أَ لَا أَدُلُّكُمْ عَلَى أَكْسَلِ النَّاسِ وَ أَبْخَلِ النَّاسِ وَ أَسْرَقِ النَّاسِ وَ أَجْفَى النَّاسِ وَ أَعْجَزِ النَّاسِ قَالُوا بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ فَقَالَ أَكْسَلُ النَّاسِ عمد [عَبْدٌ] صَحِيحٌ فَارِغٌ لَا يَذْكُرُ اللَّهَ بِشَفَةٍ وَ لَا لِسَانٍ وَ أَبْخَلُ النَّاسِ رَجُلٌ اجْتَازَ عَلَى مُسْلِمٍ فَلَمْ يُسَلِّمْ عَلَيْهِ وَ أَمَّا أَسْرَقُ النَّاسِ فَرَجُلٌ يَسْرِقُ مِنْ صَلَاتِهِ تُلَفُّ كَمَا تُلَفُّ الثَّوْبُ الْخَلَقُ فَتُضْرَبُ بِهَا وَجْهُهُ وَ أَجْفَى النَّاسِ رَجُلٌ ذُكِرْتُ بَيْنَ يَدَيْهِ فَلَمْ يُصَلِّ عَلَيَّ وَ أَعْجَزُ النَّاسِ مَنْ عَجَزَ عَنِ الدُّعَاءِ.
الباب العشرون في خطبة بليغة
أَيُّهَا النَّاسُ تَدَبَّرُوا الْقُرْآنَ الْمَجِيدَ فَقَدْ دَلَّكُمْ عَلَى الْأَمْرِ الرَّشِيدِ وَ سَلِّمُوا لِلَّهِ أَمْرَهُ فَإِنَّهُ فَعَّالٌ لِما يُرِيدُ^ وَ احْذَرُوا يَوْمَ الْوَعِيدِ وَ اعْمَلُوا بِطَاعَتِهِ فَهَذَا شَأْنُ الْعَبِيدِ وَ احْذَرُوا غَضَبَهُ فَكَمْ قَصَمَ مِنْ جَبَّارٍ عَنِيدٍ ق وَ الْقُرْآنِ الْمَجِيدِ أَيْنَ مَنْ بَنَى وَ شَادَ وَ طَوَّلَ وَ تَأَمَّرَ عَلَى النَّاسِ وَ سَادَ فِي الْأَوَّلِ وَ ظَنَّ جَهَالَةً مِنْهُ وَ جُرْأَةً أَنَّهُ لَا يَتَحَوَّلُ عَادَ الزَّمَانُ عَلَيْهِ سَالِباً مَا خُوِّلَ فَسُقُوا إِذْ فَسُقُوا كَأْساً عَلَى هَلَاكِهِمْ عُوِّلَ- أَ فَعَيِينا بِالْخَلْقِ الْأَوَّلِ بَلْ هُمْ فِي لَبْسٍ مِنْ خَلْقٍ جَدِيدٍ فَيَا مَنْ أَنْذَرَهُ بِالْعِبَرِ يَوْمُهُ وَ أَمْسُهُ وَ حَادَثَهُ بِالْغِيَرِ قَمَرُهُ وَ شَمْسُهُ وَ اسْتُلِبَ مِنْهُ وُلْدُهُ وَ إِخْوَتُهُ وَ عِرْسُهُ وَ هُوَ يَسْعَى فِي الْخَطَايَا مُشَمِّراً وَ قَدْ دَنَا حَبْسُهُ- وَ لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ وَ نَعْلَمُ ما تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَ نَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ أَ مَا عَلِمْتَ أَنَّكَ مَسْئُولٌ مِنَ الزَّمَانِ مَشْهُودٌ عَلَيْكَ يَوْمَ يَنْطِقُ عَنْكَ الْأَرْكَانُ مَحْفُوظٌ عَلَيْكَ مَا عَمِلْتَ فِي زَمَانِ الْإِمْكَانِ- إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيانِ عَنِ الْيَمِينِ وَ عَنِ الشِّمالِ قَعِيدٌ. ما يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ فَكَأَنَّكَ بِالْمَوْتِ وَ قَدِ اخْتَطَفَكَ اخْتِطَافَ الْبَرْقِ وَ لَمْ تَقْدِرْ عَلَى دَفْعِهِ بِمِلْكِ الْغَرْبِ وَ الشَّرْقِ وَ نَدِمْتَ عَلَى تَفْرِيطِكَ بَعْدَ اتِّسَاعِ الْخَرْقِ وَ تَأَسَّفْتَ عَلَى تَرْكِ الْأُولَى وَ الْأُخْرَى أَحَقُّ- وَ جاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذلِكَ ما كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ ثُمَّ تَرَحَّلْتَ مِنَ الْقُصُورِ إِلَى الْقُبُورِ وَ بَقِيتَ وَحِيداً عَلَى مَمَرِّ الدُّهُورِ كَالْأَسِيرِ الْمَحْصُورِ- وَ نُفِخَ فِي الصُّورِ ذلِكَ يَوْمُ الْوَعِيدِ فَحِينَئِذٍ أَعَادَ الْأَجْسَامَ مَنْ صَنَعَهَا وَ لَفَّ أَشْتَاتَهَا بِقُدْرَتِهِ وَ جَمَعَهَا وَ نَادَاهَا بِنَفْخَةِ الصُّورِ فَأَسْمَعَهَا- وَ جاءَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَعَها سائِقٌ وَ شَهِيدٌ