اسم الکتاب : الولاية الالهية الاسلامية او الحكومة الاسلامية المؤلف : المؤمن القمي، الشيخ محمد الجزء : 1 صفحة : 527
القتال و هم عملوا بعهدهم و لم ينقصوا
للمسلمين شيئا و لم يظاهروا عليهم أحدا فأوجب فيهم على المسلمين أن يتمّوا إليهم
عهدهم إلى مدّتهم، فإنّ إتمام عهدهم حينئذ مقتضى التقوى و إنّ اللّه يحبّ
المتّقين، و أكّد ثانيا على بقاء عهد هؤلاء و وجوب الوفاء به ما داموا هم أيضا
يوفون به بقوله تعالى في الآية الأخيرة: إِلَّا الَّذِينَ
عاهَدْتُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ فَمَا اسْتَقامُوا لَكُمْ فَاسْتَقِيمُوا
لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ[1].
فهذا الاستثناء و هذا التأكيد على وجوب الوفاء بعهد هؤلاء عبارة اخرى
عمّا نحن بصدده من وجوب الوفاء على المسلمين بالعهد الّذي عاهدوه مع هؤلاء
المشركين، ففيه دلالة واضحة على مشروعية عهد الصلح و على وجوب الوفاء به و هو
المطلوب.
هذا غاية التقريب في دلالة الآيات الشريفة على صحّة عقد الصلح مع
الكفّار.
لكن لقائل أن يمنع دلالة الآيات على هذا المعنى و ذلك انها قد دلّت
على وقوع معاهدة ترك القتال بين المسلمين و المشركين إلى مدّة- على ما يدلّ عليه
قوله تعالى: فَأَتِمُّوا إِلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ إِلى مُدَّتِهِمْ- و على أنّ وقوعها كان قبل نزول الآيات فقد أمر اللّه تعالى
المسلمين بإتمام هذا العهد لهم بشرط أن يستقيم هؤلاء أيضا على عهدهم، يقول اللّه
تعالى: فَمَا اسْتَقامُوا لَكُمْ فَاسْتَقِيمُوا لَهُمْ فهذا العهد السابق واجب الوفاء.
و أمّا غير هذا العهد الّذي قد وقع سابقا فالآيات المباركة صريحة في
إعلان براءة اللّه و رسوله إلى غير هؤلاء من المشركين حتّى من كان بينه و بين
المسلمين عهد، فجعل اللّه لغيرهم سياحة أربعة أشهر و حكم بأنّه إذا انسلخ هذه
الأشهر الحرم يجب إيجاد الضيق الشديد على المشركين و حصرهم و أخذهم و قتلهم إلّا
أن يتوبوا و يقيموا شعائر الإسلام فحينئذ يخلّى سبيلهم.