اسم الکتاب : الولاية الالهية الاسلامية او الحكومة الاسلامية المؤلف : المؤمن القمي، الشيخ محمد الجزء : 1 صفحة : 167
الأمر فيهم إن لم ينفذوا أمره، و كفى بالصبر
على هذا يا أخا اليهود صبرا، فمكث القوم أيّامهم كلّها، كلّ يخطب لنفسه و أنا ممسك
عن أن يسألوني عن أمري فناظرتهم في أيّامي و أيّامهم و آثاري و آثارهم، و أوضحت
لهم ما لم يجهلوه من وجوه استحقاقي لها دونهم، و ذكّرتهم عهد رسول اللّه صلّى
اللّه عليه و آله إليهم و تأكيد ما أكّده من البيعة لي في أعناقهم، دعاهم حبّ
الإمارة و بسط الأيدي و الألسن في الأمر و النهي و الركون إلى الدنيا و الاقتداء
بالماضين قبلهم إلى تناول ما لم يجعل اللّه لهم، فإذا خلوت بالواحد ذكّرته أيّام
اللّه و حذّرته ما هو قادم عليه و صائر إليه ألتمس منّي شرطا أن اصيّرها له بعدي،
فلمّا لم يجدوا عندي إلّا المحجّة البيضاء و الحمل على كتاب اللّه عزّ و جلّ و
وصيّة الرسول و إعطاء كلّ امرئ منهم ما جعله اللّه له و منعه ما لم يجعل اللّه له
أزالها إلى ابن عفّان طمعا في الشحيح معه فيها، و ابن عفّان رجل لم يستو به و
بواحد ممّن حضره حال قطّ، فضلا عمّن دونهم؛ لا ببدر الّتي هي سنام فخرهم و لا
غيرها من المآثر الّتي أكرم اللّه بها رسوله و من اختصّه معه من أهل بيته عليهم
السّلام، ثمّ لم أعلم القوم أمسوا من يومهم ذلك حتّى ظهرت ندامتهم و نكصوا على
أعقابهم و أحال بعضهم على بعض، كلّ يلوم نفسه و يلوم أصحابه.
ثمّ لم تطل الأيّام بالمستبدّ بالأمر ابن عفّان حتّى أكفروه و
تبرّءوا منه، و مشى إلى أصحابه خاصّة و سائر أصحاب رسول اللّه صلّى اللّه عليه و
آله عامّة، يستقيلهم من بيعته و يتوب إلى اللّه من فلتته، فكانت هذه يا أخا اليهود
أكبر من اختها و أفظع و أحرى أن لا يصبر عليها، فنالني منها الّذي لا يبلغ وصفه و
لا يحدّ وقته، و لم يكن عندي إلّا الصبر على ما أمضّ و أبلغ منها ... إلى أن قال
عليه السّلام:
و ما سكتني عن ابن عفّان و حثّني على الإمساك عنه إلّا أنّي عرفت من
أخلاقه فيما اختبرت منه بما لن يدعه حتّى يستدعي الأباعد إلى قتله و خلعه، فضلا عن
الأقارب، و أنا في عزلة، فصبرت حتّى كان ذلك، لم أنطق فيه بحرف من «لا» و لا
«نعم». ثمّ أتاني القوم و أنا علم اللّه كاره لمعرفتي بما تطاعموا به من
اسم الکتاب : الولاية الالهية الاسلامية او الحكومة الاسلامية المؤلف : المؤمن القمي، الشيخ محمد الجزء : 1 صفحة : 167