قيل[1] ان كسرى
انوشروان و صفت له ارض من التخوم الهندية، تقارب اقصى بلاده بحسن[2] المنظر و طيب الهواء و الماء و
كثرة العمائر و حصانة المعاقل، وصف له اهل تلك الارض بعظم الجسوم و بلادة الفهوم و
شجاعة النفوس، و قوة الابدان و الصبر على ملازمة الطاعة لملكهم و لين الانقياد[3]، فشرهت نفس كسرى إلى تملك تلك
الارض، فسأل عن ملكها فأخبر انه عظيم من الاراكنة[4]
و انه شاب منقاد لشهوته مقبل على لذاته، إلا[5]
ان رعيته قد اشربت قلوبها وده و انصرفت آمالها إلى ما عنده.
قال:
فجمع كسرى وزراءه و اعلمهم ان نفسه تائقة[6]
إلى تملك تلك الارض، و عرفهم صفات الاركن[7]
و اقبال رعيته على طاعته و محبته[8]، فاجتمع
رأيهم على ان ينتدب لإستفساد رعية ذلك الاركن[9]
رجالا يحسنون نصب الدعوات و قلب الدول.
قال:
فاحضر رجالا من دهاة العجم[10]
و نساكهم[11] و امدهم
بالاموال و نصب لهم مثالا يحذون[12] عليه،
فامتثلوا[13] لما
امرهم به و تفرقوا[14] في تلك
المملكة و اعمل كل[15] منهم
قوته فيما انتدب له، و احكموا امرهم في عامين و بثوا[16]
[1] - الحكاية مزيدة و منقحة و مفصلة في سلوان المطاع
في عدوان الاتباع، لابن ظفر الصقلي، ص 61- 80.