الدعوة في مدينة الاركن و غيرها من قراه و
رساتيقه و معاقله و ثغوره، و استمالوا قلوب الرعية، ثم[1]
كتبوا بذلك إلى كسرى فاحضر المرزبان الذي يلي تلك الارض و امره بالتجهّز[2] إليها، فلما اخذ ذلك المرزبان في
الاعداد و الحشد و كان عسكره خمسين الف فارس[3]
سوى اتباعها، كتب إلى الاركن عيونه[4]
يخبرونه بخروج المرزبان إليه. ثم ظهر النفاق ببلاده و همس الناس فيه، فانتبه[5] من غفلته و بحث عن الامر، فوقف
على حقيقته، و كان امر مملكته يدور على خمس رجال: اربعة منهم هم وزراؤه و جلساؤه و
سماره[6]، و
الخامس رئيس الزمازمة[7] الذين
يأخذون عنه الدين؛ و كان حكيما عالما.
قال:
فجمعهم الاركن و أطلعهم على ما انتهى إليه من فساد الرعية و تجهيز
جيوش انوشروان[8] إلى
جهتهم[9]، و امرهم
بالنظر في ذلك و امعان التفكير[10] فيه،
فجلسوا لإدارة الرأي.
فقال احد[11] الوزراء
الاربعة: الرأي ان يستصلح[12] الملك
رعيته فيملأ ايديها[13] رغبات (و
قلوبها آمالا)[14] فإن
العدو اذا علم ذلك كان حريا به ان يجبن عن الاقدام، و إن اقدم لقيناه بكلمة مجتمعة
و قلوب سليمة. فقال له رئيس الزمارمة: هذا لو كان فساد الرعية اوجبه جور و عسف
سيرة[15] فيزال
حكم الفساد بأزاحة علته، و اما فساد هؤلاء فإنما اورده عليهم الجهل بمواقع الصواب
و البطر[16]
[7] (**) الزمازمة: هم رجال الدين عند المجوس الذين
يتولون بيوت النيران. و قد درجت العادة عند ملوك الهند ان يكون رئيس الزمازمة في
مرتبة الوزير واحد كبار المستشارين. انظر: سلوان المطاع ص 67.