لما كان الوفاء من الاوصاف العلية و الشيم السنية امر اللّه تعالى[1] الخلق به و مدحهم على فعله فقال
تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ[2]. و قال تعالى: يُوفُونَ بِالنَّذْرِ
وَ يَخافُونَ يَوْماً كانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيراً[3].
و الوفاء خليق بالملك لما فيه من ايصال: الراحة و استعطاف القلوب
بانجاز الوعد و دوام العهد.[4]
قال بعض الحكماء لملك في زمانه[5]
أوصيك بأربع خصال ترضي بها ربك و تصلح بها رعيتك: لا تعدّن وعدا ليس في يديك[6] وفاؤه (و لا تتواعدنّ من لا تنفذ
فيه الفعل)[7] فإن
بالاولى تذهب عظمتك، و بالثانية[8] يجترىء[9] عليك. و لا يغرّنك ارتقاء[10] السهل إذا كان المنحدر وعرا، و لا
تستغشنّ ناصحا فتستتر[11] عنك أمور
الرعية.
و قد كان يقال: من احسن الوفاء استوجب الصفاء. و يقال: الوفاء من
اخلاق الكرام، و الخلف من أخلاق اللئام.