responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : اساس السياسة المؤلف : القفطي، على بن يوسف    الجزء : 1  صفحة : 75

[مصابرة الأمور]

و اشتدّ همّ الوزير حتى عاف الشراب و الطعام. و هجر لذيذ الكرى و المنام. و كانت له جارية مجرّبة، لبيبة مهذّبة. قد أصلح التهذيب شمائلها و ثقف التأديب خلائقها. فلما كثر عليها ما تراه من أمور مولاها. و كبر لديها ما يكابده بمشهدها و مرآها. قالت له: يا سيدي ألم تعلم أنّ العلماء مجمعون على أنه لا شي‌ء أنحل للجسم من مساورة الهمّ و مكابدة الغم؟ و إنما مدحت الحزمة من الرجال بمصابرة الأمور إذا اشتدت. و إعمال الحيلة فيها إذا ارتجّت أبوابها و انسدّت. و قد قيل: التأني في الحيلة خير من القوة و النجدة.

و قيل: ربّ رأي فلّ‌[1] جيشا.

و قيل: إياك و العجلة قبل المعرفة. و إياك و الوثبة بعد الثقة.

[الاستشارة]

و قد كان الأفاضل من الملوك- مع استغنائهم بقرائحهم الثاقبة و بصائرهم النافذة- لا يخلون الأمور المتشابهة من الاستشارة. و لا يهملون الاستضاءة فيها بأنوار العقول السليمة الاستنارة. فإن أخطأ حدسهم كان ذلك سلّما لهم إلى العذر. و إن أصابوا فازوا بالسداد و شرف الذكر.

و قد قال بعض الحكماء: ثلاث لا يعدم المرء الرشد فيهنّ:

مشاورة ناصح، و مداراة حاسد، و التحبّب إلى الناس.

و قال آخر: لا تدرك الأمور بالرأي الفرد، فليستعن مكدود


[1] فلّ: هزم.

اسم الکتاب : اساس السياسة المؤلف : القفطي، على بن يوسف    الجزء : 1  صفحة : 75
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست