responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : اساس السياسة المؤلف : القفطي، على بن يوسف    الجزء : 1  صفحة : 74

و التمييز بين ما يبعث الهوى على متابعته و بين ما يحضّ العقل على موافقته، غامض لا يدركه إلّا من أنعم النظر و أدام السّهر، و أطال الفكر.

و لذلك احتيج إلى المشورة. فإنّ المستشار سليم من الهوى. بعيد من الغرض الذي يمنع صاحبه من العمل بإيثار النهى. و قد قيل‌[1]:

و آفة العقل الهوى فمن علا

على هواه عقله فقد نجا

و كان وزيره ذا رأي أصيل. و عقل يستميل و لا يميل. قد خصّ بفطرة سليمة و فكرة مستقيمة. و ظن تحسبه لصدقه نقيبة[2]. و إخلاص في المحبة و تحقق بالأمانة. و كان مع ذلك لا يخلي الملك تبصيره مواقع رشده. و تسديده إلى الصواب في رأيه و قصده. و لا يغفل إلقاء النصيحة في صدره و ورده. و الملك ذلك مطرّح لآرائه. معرض عن إرشاده إلى النصائح و دعائه. متضجر من دخوله عليه، متبرم بلقائه.

إلى أن صار الوزير لا يتجاسر على حمل نصيحة. و لا يقدر على التنبيه على مصلحة صريحة. و هو مع ذلك ليمن نقيبته و صفاء عقيدته. يلتمس حيلة يستخلص بها الملك من تلك الحبائل‌[3].

و يرتاد وسيلة يتوصّل بها إلى إطلاعه على ما يتوقعه من الغوائل‌[4]:

و كدّه في ذلك يكدي. و جدّه لا يجدي.


[1] من مقصورة ابن دريد الشهيرة و التي أنشأها في مدح الأميرين ابني ميكال و مطلعها:

سألتُ حبيبى الوصلَ منه دُعابَةً

و أعْلَمُ أنَّ الوصل ليس يكونُ‌

فمَاسَ دلالًا و ابتهاجاً و قال لى‌

برفقٍ مجيباً( ما سألتَ يَهُونُ)

[2]النقيبة: النفس.

[3]الحبائل ج. حبلة، و هي: المصيدة.

[4]الغوائل: الشدائد.

اسم الکتاب : اساس السياسة المؤلف : القفطي، على بن يوسف    الجزء : 1  صفحة : 74
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست