أحد الشريكين
لشريكه في التصرف جاز للمأذون دون الآذن إلا بإذن صاحبه، و يجب على المأذون أن
يقتصر على المقدار المأذون فيه كمّاً و كيفاً، نعم الإذن في الشيء إذن في لوازمه
عند الإطلاق، و الموارد مختلفة لابد من لحاظها، فربّما يكون إذن له في سكنى الدار
لازمة إسكان أهله و عياله و أطفاله، بل و تردد أصدقائه و نزول ضيوفه بالمقدار
المعتاد، فيجوز ذلك كله إلا أن يمنع عنه كلًا أو بعضاً فيتبع.
مسألة 3- كما تطلق
الشركة على المعنى المتقدم و هو كون شيء واحد لإثنين أو أزيد تطلق أيضاً على معنى
آخر، و هو العقد الواقع بين اثنين أو أزيد على المعاملة بمال مشترك بينهم، و تسمّى
الشركة العقدية و الإكتسابية و ثمرته جواز تصرف الشريكين فيما اشتركا فيه بالتكسب
به و كون الربح و الخسران بينهما على نسبة مالهما، و هي عقد يحتاج إلى إيجاب و
قبول، و يكفي قولهما اشتركنا، أو قول أحدهما ذلك مع قبول الآخر، و لا يبعد جريان
المعاطاة فيها بأن خلطا المالين بقصد اشتراكهما في الإكتساب و المعاملة به.[1]
مسألة 4- يعتبر في
الشركة العقدية كل ما اعتبر في العقود المالية من البلوغ و العقل و القصد و
الاختيار و عدم الحجر لفلس أو سفه.
مسألة 5- لا تصح
الشركة العقدية إلا في الأموال نقوداً كانت أو عروضاً، و تسمى تلك:
شركة
العنان، و لا تصح في الأعمال، و هي المسماة بشركة الأبدان، بأن أوقع العقد اثنان على
أن تكون أجرة عمل كل منهما مشتركاً بينهما سواء اتفقا في العمل كالخياطين أو
اختلفا كالخياط مع النساج، و من ذلك معاقدة شخصين على أن كل ما يحصل كل منهما
بالحيازة من الحطب مثلًا يكون مشتركاً بينهما، فلا تتحقق الشركة بذلك، بل يختص كل
منهما بأجرته و بما حازه، نعم لو صالح أحدهما الآخر بنصف منفعته إلى مدة كسنة أو
سنتين على نصف منفعة الآخر إلى تلك المدة و قبل الآخر صح، و اشترك كل منهما فيما
يحصله الآخر في تلك المدة بالأجر و الحيازة، و كذا لو صالح أحدهما الآخر عن نصف
منفعته إلى مدة بعوض معين كدينار مثلًا و صالحه الآخر أيضاً نصف منفعته في تلك
المدة بذلك العوض، و لا تصح أيضاً شركة الوجوه، و أشهر معانيها على المحكي أن يوقع
العقد اثنان وجيهان عند الناس لا مال لهما على أن يبتاع كلّ منهما في ذمته إلى أجل
و يكون ذلك بينهما، فيبيعانه و يؤديان الثمن و يكون ما حصل من الربح بينهما، و لو
أرادا حصول هذه النتيجة بوجه مشروع وَكَّلَ منهما الآخر في أن يشاركه فيما اشتراه
بأن يشتري لهما و في ذمتهما، فيكون حينئذ الربح و الخسران بينهما، و لا تصح أيضاً
شركة المفاوضة،